معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (23)

قوله تعالى :{ وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم } أهلككم ، أي : ظنكم أن الله لا يعلم كثيراً مما تعملون ، أرداكم . قال ابن عباس : طرحكم في النار ، { فأصبحتم من الخاسرين } .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (23)

وخدعكم هذا الظن الجاهل الأثيم وقادكم إلى الجحيم :

( وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم فأصبحتم من الخاسرين ) . .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (23)

{ وذلكم } إشارة إلى ظنهم هذا ، وهو مبتدأ وقوله : { ظنكم الذي ظننتم بربكم أرادكم } خبران له ويجوز أن يكون { ظنكم } بدلا و{ أرداكم } خبرا . { فأصبحتم من الخاسرين } إذ صار ما منحوا للاستسعاد في الدارين سببا لشقاء المنزلين .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (23)

{ وذلكم ظَنُّكُمُ } الإِشارة إلى الظن المأخوذ من فعل { ظَنَنتُم أَنَّ الله لاَ يَعْلَمُ كَثِيراً مِمَّا تَعْمَلُونَ } ، ويستفاد من الإِشارة إليه تمييزه أكمل تمييز وتشهير شناعته للنداء على ضلالهم . وأتبع اسم الإِشارة بالبدل بقوله : { ظَنُّكُم } لزيادة بيانه ليتمكن ما يعقبه من الخبر ، والخبر هو فعل { أَردَاكُم } وما تفرع عليه .

و { الَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُم } صفة ل { ظَنُّكُمُ } . والإِتيان بالموصول لما في الصلة من الإيماء إلى وجه بناء الخبر وهو { أَرْدَاكُم } وما تفرع عليه ، أي الذي ظننتم بربكم ظناً باطلاً . والعدول عن اسم الله العَلَم إلى { بِرَبِّكُم } للتنبيه على ضلاللِ ظنهم ، إذ ظنوا خفاء بعض أعمالهم عن علمه مع أنه ربهم وخالقهم فكيف يخلقهم وتخفى عنه أعمالهم ، وهو يشير إلى قوله : { ألا يعلم من خلق وهو اللطيف الخبير } [ الملك : 14 ] ، ففي وصف { بِرَبِّكُم } إيماء إلى هذا المعنى .

والإِرداء : الإِهلاك ، يقال : رَدِيَ كرضِي ، إذا هلَك ، أي مات ، والإِرداء مستعار للإِيقاع في سوء الحالة بحيث أصارهم مثل الأموات فإن ذلك أقصى ما هو متعارف بين الناس في سوء الحالة وفي الإِتيان بالمسند فعلاً إفادة قصرٍ ، أي ما أرداكم إلا ظنكم ذلك ، وهو قصر إضافي ، أي لم تُردِكم شهادة جوارحكم حتى تلوموها بل أرداكم ظنكم أن الله لا يعلم أعمالكم فلم تحذروا عقابه .

وقوله : { فَأَصبحتم مِنَ الخاسرين } تمثيل لحالهم إذ يحسبون أنهم وصلوا إلى معرفة ما يحق أن يعرفوه من شؤون الله ووثقوا من تحصيل سعادتهم ، وهم ما عرفوا الله حق معرفته فعاملوا الله بما لا يرضاه فاستحقوا العذاب من حيث ظنوا النجاة ، فشبه حالهم بحال التاجر الذي استعدّ للربح فوقع في الخسارة .

والمعنى : أنه نُعي عليهم سوء استدلالهم وفساد قياسهم في الأمور الإِلهية ، وقياسُهم الغائبَ على الشاهد ، تلك الأصولُ التي استدرجتهم في الضلالة فأحالوا رسالة البشر عن الله ونفوا البعث ، ثم أثبتوا شركاء لله في الإِلهية ، وتفرع لهم من ذلك كله قطع نظرهم عما وراء الحياة الدنيا وأمنهم من التبعات في الحياة الدنيا ، فذلك جماع قوله تعالى : { وذلكم ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنتُم بربِّكم أرداكم فأصْبَحْتُم مِنَ الخاسرين } .

واعلم أن أسباب الضلال في العقائد كلها إنما تأتي على الناس من فساد التأمل وسرعة الإِيقان وعدم التمييز بين الدلائل الصائبة والدلائل المشابهة وكل ذلك يفضي إلى الوهَم المعبر عنه بالظن السيِّىء ، أو الباطل . وقد ذكر الله مثله في المنافقين وأن ظنهم هو ظن أهل الجاهلية فقال : { يظنون باللَّه غير الحق ظن الجاهلية } [ آل عمران : 154 ] ، فليحذر المؤمنون من الوقوع في مثل هذه الأوهام فيبُوءُوا ببعض ما نُعي على عبدة الأصنام .

وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم « إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث » يريد الظن الذين لا دليل عليه . و ( أصبحتم ) بمعنى : صرتم ، لأن أصبح يكثر أن تأتي بمعنى : صار .