ثم قال تعالى : { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم } أي : وذلك الذي جنيتم في الدنيا على أنفسكم من معاصي الله هو من ظنكم الذي ظننتم أن الله لا يعلم ما تعملون ، أهلككم ذلكم{[60284]} الظن فأصبح في الآخرة من الذين خسروا أنفسهم .
وقرأ الحسن هذه الآية ثم قال : قال الله جل ذكره : عبدي ، أنا عند ظنه بي{[60285]} ، وأنا معه إذا دعاني{[60286]} .
ثم نظر الحسن فقال : إنما عمل الناس على قدر ظنونهم بربهم ، فأما المؤمن فأحسن بالله الظن وأحسن{[60287]} العمل ، ( وأما الكافر والمنافق فأساء الظن وأساء العمل{[60288]} ) .
وذكر معمر{[60289]} أنه بلغه أنه{[60290]} : ( يؤمر برجل إلى النار فيلتفت فيقول : يا رب ، ما كان هذا ظني بك{[60291]} . قال : ( وما كان ظنك{[60292]} ) قال : كان ظني بك أن تغفر لي ولا تعذبني قال : فإني عند ظن عبدي{[60293]} .
وقال قتادة : الظن ظننان : ظن مُرْدٍ ، وظن مُنْجٍ ، فأما الذين يظنون أنهم ملاقوا ربهم ، ومن قال : { إني ظننت أني{[60294]} ملاق حسابية{[60295]} } فهذا الظن المنجي – ظن ظنا يقينا – قال : وقال هاهنا : { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم أرداكم } فهذا ظن مرد{[60296]} .
وقوله عن قول الكافرين : { إن نظن إلا ظنا{[60297]} } مثله .
قال قتادة : وذكر لنا أن نبي الله عليه السلام كان يقول ويروي عن ربه عز وجل : " عبدي{[60298]} أنا عند ظنه بي وأنا معه إذا دعاني " {[60299]} .
فمعنى الآية : وهذا الظن الذي ظننتم بربكم أنه لا يعلم كثيرا مما تعملون هو الذي أهلككم لأنكم{[60300]} من أجل هذا الظن الخبيث تجرأتم على محارم الله سبحانه ، وركبتم ما نهاكم عنه فأهلككم ذلك وأصبحتم في القيامة من الذين خسروا أنفسهم فهلكوا .
وقد روى جابر بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " من استطاع منكم ألا يموت إلا وهو يحسن{[60301]} الظن بالله فليفعل . ثم تلا{[60302]} : { وذلكم ظنكم الذي ظننتم بربكم } الآية{[60303]} .
واستحب العلماء للرجل المؤمن أن يكون الخوف عليه في صحته أغلب من الرجاء ، فإذا مرض وحضرت وفاته استحبوا{[60304]} أن يكون الرجاء في عفو الله أغلب عليه من الخوف .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.