فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَذَٰلِكُمۡ ظَنُّكُمُ ٱلَّذِي ظَنَنتُم بِرَبِّكُمۡ أَرۡدَىٰكُمۡ فَأَصۡبَحۡتُم مِّنَ ٱلۡخَٰسِرِينَ} (23)

{ وَذَلِكُمْ } أي ما ذكر من ظنكم مبتدأ { ظَنُّكُمُ } بدل منه { الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ } نعت والخبر { أَرْدَاكُمْ } أي أهلككم وطرحكم في النار ، وقيل : ظنكم الخبر والموصول بدل أو بيان ، وأرداكم حال ، وقد مقدرة أو غير مقدرة ، أي ذلكم ظنكم مرديا إياكم .

{ فَأَصْبَحْتُمْ مِنَ الْخَاسِرِينَ } أي الكاملين في الخسران ، قال المحققون الظن قسمان أحدهما حسن والآخر قبيح ، فالحسن أن يظن بالله عز وجل : الرحمة والفضل والإحسان ، قال صلى الله عليه وسلم ، حكاية عن الله عز وجل : ( أنا عند ظن عبدي بي ) {[1464]} .

وأخرج أحمد وأبو داود والطيالسي وعبد بن حميد ومسلم وأبو داود وابن ماجة وابن حبان وابن مردويه عن جابر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( لا يموتن أحدكم إلا وهو يحسن الظن بالله تعالى ، فإن قوما قد أرداهم سوء ظنهم بالله ، فقال الله وذلكم ظنكم ) {[1465]}الآية ، والظن القبيح أن يظن أنه تعالى يعزب عن علمه بعض هذه الأفعال ، وقال قتادة الظن نوعان مرد ومنج ، فالمنجي قوله : { إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ } ، وقوله : { الّذِين يظُنُّون أنّهُمْ مُلاقُو ربِّهِمْ } ، والمردي هو قوله : { وَذَلِكُمْ ظَنُّكُمُ الَّذِي ظَنَنْتُمْ بِرَبِّكُمْ أَرْدَاكُمْ }


[1464]:البخاري 8/431 ـ أحمد 3614/3875 والترمذي 2/152 والطبري 24/109
[1465]:مسلم 4/2206