معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِيّٗا} (68)

ثم أقسم بنفسه ، فقال : { فوربك لنحشرنهم } لنجمعنهم في المعاد ، يعني : المشركين المنكرين للبعث ، { والشياطين } ، مع الشياطين ، وذلك أنه يحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة ، { ثم لنحضرنهم حول جهنم } ، قيل في جهنم ، { جثيا } ، قال ابن عباس رضي الله عنه : جماعات ، جمع جثوة . وقال الحسن والضحاك : جمع جاث أي : جاثين على الركب . قال السدي : قائمين على الركب لضيق المكان .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِيّٗا} (68)

ثم يعقب على هذا الإنكار والاستنكار بقسم تهديدي . يقسم الله تعالى بنفسه وهو أعظم قسم وأجله ؛ أنهم سيحشرون - بعد البعث فهذا أمر مفروغ منه :

( فوربك لنحشرنهم ) . . ولن يكونوا وحدهم . فلنحشرنهم( والشياطين )فهم والشياطين سواء . والشياطين هم الذين يوسوسون بالإنكار ، وبينهما صلة التابع والمتبوع ، والقائد والمقود . .

وهنا يرسم لهم صورة حسية وهم جاثون حول جهنم جثو الخزي والمهانة : ( ثم لنحضرنهم حول جهنم جثيا ) . . وهي صورة رهيبة وهذه الجموع التي لا يحصيها العد محشورة محضرة إلى جهنم جاثية حولها ، تشهد هولها ويلفحها حرها ، وتنتظر في كل لحظة أن تؤخذ فتلقى فيها . وهم جاثون على ركبهم في ذلة وفزع . .

وهو مشهد ذليل للمتجبرين المتكبرين ،

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{فَوَرَبِّكَ لَنَحۡشُرَنَّهُمۡ وَٱلشَّيَٰطِينَ ثُمَّ لَنُحۡضِرَنَّهُمۡ حَوۡلَ جَهَنَّمَ جِثِيّٗا} (68)

{ فوربك لنحشرنهم } أقسم باسمه تعالى مضافا إلى نبيه تحقيقا للأمر وتفخيما لشأن رسول الله صلى الله عليه وسلم . { والشياطين } عطف أو مفعول معه لما روي أن الكفرة يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغووهم كل مع شيطانه في سلسلة ، وهذا وإن كان مخصوصا بهم ساغ نسبته إلى الجنس بأسره ، فإنهم إذا حشروا وفيهم الكفرة مقرونين بالشياطين فقد حشروا جميعا معهم . { ثم لنحضرنهم حول جهنم } ليرى السعداء ما نجاهم الله منه فيزدادوا غبطة وسرورا ، وينال الأشقياء ما ادخروا لمعادهم عدة ويزدادوا غيظا من رجوع السعداء عنهم إلى دار الثواب وشماتتهم عليهم { جثيا } على ركبهم لما يدهمهم من هول المطلع ، أو لأنه من توابع التواقف للحساب قبل التواصل إلى الثواب والعقاب ، وأهل الموقف جاثون لقوله تعالى { وترى كل أمة جاثية } على المعتاد في مواقف التقاول ، وإن كان المراد بالإنسان الكفرة فلعلهم يساقون جثاة من الموقف إلى شاطىء جهنم إهانة بهم ، أو لعجزهم عن القيام لما عراهم من الشدة . وقرأ حمزة والكسائي وحفص { جثيا } بكسر الجيم .