ثم إنه تعالى لما قرر المطلوب بالدليل{[21978]} أردفه بالتشديد{[21979]} فقال { فَوَرَبِّكَ لَنَحْشُرَنَّهُمْ والشياطين } أي : لنجمعنهم في المعاد ، يعني المشركين المنكرين للبعث مع الشياطين ، وذلك أنه يحشر كل كافر مع شيطان في سلسلة .
وفائدة القسم أمران : أحدهما{[21980]} : أنَّ العادة جارية بتأكيد الخبر باليمين .
والثاني : أنَّ في قسام الله -تعالى- باسمه{[21981]} مضافاً إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم رفعاً{[21982]} منه لشأنه كما رفع من شأن السماء والأرض في قوله : { فَوَرَبِّ السماء والأرض إِنَّهُ لَحَقٌّ }{[21983]} . والواو في " والشَّياطين " يجوز أن تكون للعطف{[21984]} ، وبمعنى " مع " {[21985]} وهي بمعنى " مع " أوقع{[21986]} . والمعنى ، أنهم يحشرون مع قرنائهم من الشياطين الذين أغروهم . { ثُمَّ لَنُحْضِرَنَّهُمْ حَوْلَ جَهَنَّمَ } أي : نحضرهم على أذل صورة لقوله : { جِثِيًّا } لأنَّ البارك على ركبتيه صورته الذليل ، أو صورة العاجز{[21987]} .
فإن قيل : هذا المعنى حاصل للكل لقوله : { وترى كُلَّ أُمَّةٍ جَاثِيَةً }{[21988]} ، ولأنَّ العادة جارية بأنَّ الناس في مواقف{[21989]} مطالبات الملوك يتجاثون على ركبهم لما في ذلك من القلق ، أة لما يدهمهم من شدة الأمر التي لا يطيقون معه{[21990]} القيام على أرجلهم وإذا{[21991]} كان حاصلاً{[21992]} للكل ، فكيف يدل على مزيد ذل الكفار .
فالجواب : لعل المراد أنهم يكونون من وقت الحشر إلى وقت الحضور في الموقف على هذه{[21993]} الحال ، وذلك يوجب مزيد ذلهم{[21994]} .
قوله : { جِثِيًّا } حال مقدرة{[21995]} من مفعول " لنُحْضرنَّهُمْ " {[21996]} . و " جِثِيًّا " جمع جاثٍ جمع على فعول ، نحو قَاعد وقُعُود ، وجَالس وجُلوس ، وفي لامه{[21997]} لغتان :
يقال : جَثَا يَجْثُو جُثُوًّا ، وجَثَا يَجْثِي جِثِيًّا{[21998]} .
فعلى التقدير الأول : يكون أصله جُثُوو . بواوين الأولى زائدة علامة للجمع والثانية لام الكلمة ، ثم أعلت إعلال عِصِيّ ودليّ ، وتقدم تحقيقه في " عِتيًّا " {[21999]} .
وعلى الثاني يكون الأصل : جُثُوياً ، فأعل إعلال هيِّن وميِّت{[22000]} .
وعن ابن عباس : أنه بمعنى جماعات جماعات ، جمع جثْوة ، وهو المجموع من التراب والحجارة{[22001]} ، وفي صحته عنه نظر من حيث إنَّ فعلهُ لا يجمع على فعول . ويجوز في " جِثِيًّا " أن يكون مصدراً على فعول{[22002]} ، وأصله كما تقدم في حال كونه جمعاً ، إمَّا جُثُوو ، وإمَّا جُثُوي{[22003]} .
وقد تقدم أنَّ الأخوين{[22004]} يكسران فاءه ، والباقون يضمونها{[22005]} .
والجثوّ : القعود على الركب{[22006]} .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.