معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

قوله تعالى : { ويدخلهم الجنة عرفها لهم } أي بين لهم منازلهم في الجنة حتى يهتدوا إلى مساكنهم لا يخطئونها ، ولا يستدلون عليها أحداً كأنهم سكانها منذ خلقوا ، فيكون المؤمن أهدى إلى درجته ، وزوجته وخدمه منه إلى منزله وأهله في الدنيا ، هذا قول أكثر المفسرين .

وروى عطاء عن ابن عباس : { عرفها لهم } أي : طيبها لهم ، من العرف ، وهو الريح الطيبة ، وطعام معرف أي : مطيب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

( ويدخلهم الجنة عرفها لهم ) . .

وقد ورد حديث عن تعريف الله الجنة للشهداء رواه الإمام أحمد في مسنده قال : حدثنا زيد بن نمر الدمشقي ، حدثنا ابن ثوبان ، عن أبيه ، عن مكحول ، عن كثير بن مرة ، عن قيس الجذامي - رجل كانت له صحبة - قال : قال رسول الله [ صلى الله عليه وسلم ] : " يعطى الشهيد ست خصال : عند أول قطرة من دمه ، تكفر عنه كل خطيئة ؛ ويرى مقعده من الجنة ، ويزوج من الحور العين ، ويأمن من الفزع الأكبر ومن عذاب القبر ، ويحلى حلة الإيمان " . . [ تفرد به أحمد . وقد روى حديثا آخر قريبا من هذا المعنى . وفيه النص على رؤية الشهيد لمقعده من الجنة . أخرجه الترمذي وصححه ابن ماجه ] .

فهذا تعريف الله الجنة للشهداء في سبيله . وهذه هي نهاية الهداية الممتدة ، وإصلاح البال المستأنف بعد مغادرتهم لهذه الأرض . ونماء حياتهم وهداهم وصلاحهم هناك عند الله .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

أي : عرفهم بها وهداهم إليها .

قال مجاهد : يهتدي أهلها إلى بيوتهم ومساكنهم ، وحيث قسم الله لهم منها ، لا يخطئون كأنهم ساكنوها منذ خلقوا ، لا يستدلون عليها أحدا . وروى مالك عن ابن زيد بن أسلم نحو هذا .

وقال محمد بن كعب : يعرفون بيوتهم إذا دخلوا الجنة ، كما تعرفون بيوتكم إذا انصرفتم من الجمعة .

وقال مقاتل بن حَيَّان : بلغنا أن الملك الذي كان وُكِّل بحفظ عمله في الدنيا يمشي بين يديه في الجنة ، ويتبعه ابن آدم حتى يأتي أقصى منزل هو له ، فيعرّفه كل شيء أعطاه الله في الجنة ، فإذا انتهى إلى أقصى منزله في الجنة دخل [ إلى ] {[26630]} منزله وأزواجه ، وانصرف الملك عنه ذكرهن {[26631]} ابن أبي حاتم ، رحمه الله .

وقد ورد الحديث الصحيح بذلك أيضا ، رواه البخاري من حديث قتادة ، عن أبي المتوكل الناجي ، عن أبي سعيد الخدري [ رضي الله عنه ]{[26632]} ؛ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إذا خلص المؤمنون من النار حبسوا بقنطرة بين الجنة والنار ، يتقاصّون مظالم كانت بينهم في الدنيا ، حتى إذا هُذّبوا ونقوا أذن لهم في دخول الجنة ، والذي نفسي بيده ، إن أحدهم بمنزله في الجنة أهدى منه بمنزله الذي كان في الدنيا " {[26633]} .


[26630]:- (1) زيادة من ت، أ.
[26631]:- (2) في ت: "ذكر هذا".
[26632]:- (3) زيادة من ت.
[26633]:- (4) صحيح البخاري برقم (6535).
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

{ ويدخلهم الجنة عرفها لهم } وقد عرفها لهم في الدنيا حتى اشتاقوا إليها فعملوا ما استحقوها به ، أو بينها لهم بحيث يعلم كل واحد منزله ويهتدي إليه كأنه كان ساكنه منذ خلق ، أو طيبها لهم من العرف وهو طيب الرائحة ، أو حددها لهم بحيث يكون لكل جنة مفرزة .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

معنى { عَرَّفها لهم } أنه وصفها لهم في الدنيا فهم يعرفونها بصفاتها ، فالجملة حال من الجنة ، أو المعنى هداهم إلى طريقها في الآخرة فلا يترددون في أنهم داخلونها ، وذلك من تعجيل الفرح بها . وقيل : { عرفها } جعل فيها عرْفاً ، أي ريحاً طيباً ، والتطييب من تمام حسن الضيافة .

وقرأ الجمهور { قاتلوا } بصيغة المفاعلة ، فهو وعد للمجاهدين أحيائهم وأمواتهم . وقرأه أبو عمرو وحفص عن عاصم { قُتِلوا } بالبناء للنائب ، فعلى هذه القراءة يكون مضمون الآية جزاء الشهداء فهدايتهم وإصلاح بالهم كائنان في الآخرة .

 
الجامع التاريخي لبيان القرآن الكريم - مركز مبدع [إخفاء]  
{وَيُدۡخِلُهُمُ ٱلۡجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمۡ} (6)

جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :

"وَيُدْخِلُهُمُ الجَنّةَ عَرّفَها لَهُمْ" يقول: ويُدخلهم الله جنته "عرّفها"، يقول: عرّفها وبيّنها لهم، حتى إن الرجل ليأتي منزله منها إذا دخلها كما كان يأتي منزله في الدنيا، لا يُشْكِلُ عليه ذلك...

تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :

... قال بعضهم: {عرّفها لهم} أي طيّبها لهم؛ يقال فلان مُعرّف أي مُطيّب، وطعام معرّف أي مطيّب، وهو قول القتبيّ.

النكت و العيون للماوردي 450 هـ :

{وَيُدْخِلُهُمُ الجَنَّةَ عَرَّفَهَا لَهُمْ} فيه أربعة تأويلات:

أحدها: عرفها بوصفها على ما يشوق إليها...

الثاني: عرفهم ما لهم فيها من الكرامة...

الثالث: معنى عرفها أي طيبها بأنواع الملاذ، مأخوذ من العرف وهي الرائحة الطيبة...

الرابع: عرفهم مساكنهم فيها حتى لا يسألون عنها...

.

نظم الدرر في تناسب الآيات و السور للبقاعي 885 هـ :

{عرفها لهم} أي- بتعريف الأعمال الموصلة إليها والتوفيق لهم إليها في الدنيا وأيضاً بالتبصير بالمنازل في الآخرة حتى أن أحدهم يصير أعرف بمنزله فيها منه بمنزله في الدنيا، وطيب رائحتها وجعل موضعها عالياً وجدرانها عالية وهي ذات أغراف وشرف، وفي هذه الآية بشرى عظيمة لمن جاهد ساعة ما بأن الله يميته على الإسلام المستلزم لئلا يضيع له عمل...

في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :

فهذا تعريف الله الجنة للشهداء في سبيله. وهذه هي نهاية الهداية الممتدة، وإصلاح البال المستأنف بعد مغادرتهم لهذه الأرض. ونماء حياتهم وهداهم وصلاحهم هناك عند الله...

التحرير والتنوير لابن عاشور 1393 هـ :

معنى {عَرَّفها لهم} أنه وصفها لهم في الدنيا فهم يعرفونها بصفاتها، فالجملة حال من الجنة، أو المعنى هداهم إلى طريقها في الآخرة فلا يترددون في أنهم داخلونها، وذلك من تعجيل الفرح بها. وقيل: {عرفها} جعل فيها عرْفاً، أي ريحاً طيباً، والتطييب من تمام حسن الضيافة.