معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

قوله تعالى : { إن المتقين في جنات } بساتين ، { ونهر } أي : أنهار ، ووحده لأجل رؤوس الآي ، وأراد أنهار الجنة من الماء والخمر واللبن والعسل . وقال الضحاك : يعني في ضياء وسعة ومنه النهار . وقرأ الأعرج ونهر بضمتين جمع النهار يعني : لا ليل لهم .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

وعند هذا الحد من العرض والتعقيب ، يلتفت السياق إلى صفحة أخرى غير صفحة المكذبين . ويعرض صورة أخرى في ظل وادع أمين . صورة المتقين :

( إن المتقين في جنات ونهر . في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) . .

ذلك بينما المجرمون في ضلال وسعر . يسحبون في النار على وجوههم في مهانة . ويلذعون بالتأنيب كما يلذعون بالسعير : ( ذوقوا مس سقر ) . .

وهي صورة للنعيم بطرفيه : ( في جنات ونهر ) . ( في مقعد صدق عند مليك مقتدر ) .

نعيم الحس والجوارح في تعبير جامع شامل : ( في جنات ونهر )يلقي ظلال النعماء واليسر حتى في لفظه الناعم المنساب . . وليس لمجرد إيقاع القافية تجيء كلمة( نهر )بفتح الهاء . بل كذلك لإلقاء ظل اليسر والنعومة في جرس اللفظ وإيقاع التعبير !

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

وقوله : { إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَنَهَرٍ } أي : بعكس ما الأشقياء فيه من الضلال والسُّعر والسحب في النار على وجوههم ، مع التوبيخ والتقريع والتهديد .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

وقوله : إنّ المُتّقِينَ فِي جَنّاتٍ ونَهَرٍ يقول تعالى ذكره : إن الذين اتقوا عقاب الله بطاعته وأداء فرائضه ، واجتناب معاصيه في بساتين يوم القيامة ، وأنهار ، ووحد النهر في اللفظ ، ومعناه الجمع ، كما وحد الدّبر ، ومعناه الإدبار في قوله : يُوَلّونَ الدّبُرَ وقد قيل : إن معنى ذلك : إن المتقين في سعة يوم القيامة وضياء ، فوجّهوا معنى قوله : ونَهَر إلى معنى النهار . وزعم الفرّاء أنه سمع بعض العرب ينشد :

إنْ تَكُ لَيْلِيّا فإنّي نَهِرْ *** مَتى أتى الصّبْحُ فَلا أنْتَظِر

وقوله : «نهر » على هذا التأويل مصدر من قولهم : نهرت أنهر نهرا . وعنى بقوله : «فإني نهر » : أي إني لصاحب نهار : أي لست بصاحب ليلة .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

{ إن المتقين في جنات ونهر } أنهار واكتفى باسم الجنس ، أو سعة أو ضياء من النهار . وقرئ { نهر } وبضم الهاء جمع نهر كأسد وأسد .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

وقرأ جمهور الناس : «ونَهَر » بفتح الهاء والنون ، على أنه اسم الجنس ، يريد به الأنهار ، أو على أنه بمعنى : وسعة في الأرزاق والمنازل ، ومنه قول قيس بن الخطيم : [ الطويل ]

ملكت بها كفي فأنهرت فتقها . . . يرى قائم من دونها ما وراءها{[10796]}

فقوله : «أنهرت » معناه : جعلت فتقها كنهر . وقرأ زهير الفرقبي{[10797]} والأعمش : «ونُهُر » بضم النون والهاء ، على أنه جمع نهار ، إذ لا ليل في الجنة ، وهذا سائغ في اللفظ قلق في المعنى{[10798]} ، ويحتمل أن يكون جمع نهر{[10799]} . وقرأ مجاهد وحميد وأبو السمال والفياض بن غزوان{[10800]} : «نهْر » ساكنة الهاء على الإفراد .


[10796]:قال قيس بن الخطيم هذا البيت من قصيدة قاله بعد أن أخذ بثأره من قاتلي أبيه وجده، وقد اختلفت رواية الشطر الثاني من البيت، ففي الحماسة، والأغاني، ولباب الآداب، والمثل السائر، واللسان، والصحاح، والمخصص، والتاج، ومنتهى الطلب، وخزانة الأدب:(يرى قائم من دونها)، وفي حماسة المرزوقي، والعيني:(يرى قائما من دونها)، وفي الموشح، والعكبري:(يرى قائم من خلفها). ومعنى(ملكت): شددت، ومعنى(أنهرت): فتحت بها فتحا كبيرا وأجريت الدم، ومعنى البيت كما قال المرزوقي:"شددت بهذه الطعنة كفي ووسعت خرقها حتى يرى القائم من دونها الشيء الذي وراءها"، ويرى كثير من النقاد أن هذا البيت فيه مبالغة غير مقبولة، قال ابن قتيبة في (المعاني الكبير):"وهذا من إفراط الشعر".
[10797]:اختلفت الأصول في كتابة هذا الاسم، والتصويب عن(المحتسب) لابن جني.
[10798]:وعلى أنه جمع نهار يكون مثل"سحاب وسُحُب"، ومنه قول الشاعر: لولا الثريدان هلكنا بالضمر ثريد ليل وثريد بالنهر فالنهر هنا جمع نهار.
[10799]:قال ابن جني: وهذا كما جاء عنهم من تكسير فعل على فُعُل، مثل أسد وأسد، ووثن ووُثُن.
[10800]:في بعض النسخ:"الفياض بن عدوان"، ونميل إلى ترجيح ما أثبناه.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

استئناف بياني لأنه لما ذكر أن كل صغير وكبير مستطرِ على إرادة أنه معلوم ومجازىً عليه وقد علم جزاء المجرمين من قوله : { إن المجرمين في ضلال وسعر } [ القمر : 47 ] كانت نفس السامع بحيث تتشوف إلى مقابل ذلك من جزاء المتقين وجريا على عادة القرآن من تعقيب النذارة بالبشارة والعكس .

وافتتاح هذا الخبر بحرف { إن } للاهتمام به .

و { في } من قوله : { في جنات } للظرفية المجازية التي هي بمعنى التلبس القوي كتلبس المظروف بالظرف ، والمراد في نعيم جنات ونهر فإن للجنات والأنهار لذات متعارفة من اللهو والأُنس والمحادثة ، واجتناء الفواكه ، ورؤية جَرَيَاننِ الجداول وخرير الماء ، وأصوات الطيور ، وألوان السوابح .

وبهذا الاعتبار عطف { نهر } على { جنات } إذ ليس المراد الإخبار بأنهم ساكنون جناتتٍ فإن ذلك يغني عنه قوله بعد : { في مقعد صدق عند مليك مقتدر } ، ولا أنهم منغمسون في أنهار إذ لم يكن ذلك مما يقصده السامعون .

ونهَرَ : بفتحتين لغة في نهْر بفتح فسكون . والمراد به اسم الجنس الصادق بالمتعدد لقوله تعالى : { من تحتهم الأنهار } [ الأعراف : 43 ] ،