الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{إِنَّ ٱلۡمُتَّقِينَ فِي جَنَّـٰتٖ وَنَهَرٖ} (54)

أخرج ابن مردويه بسند واه عن ابن عباس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «النهر الفضاء والسعة ليس بنهر جار » .

وأخرج الطستي عن ابن عباس رضي الله عنهما أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله { في جنات ونهر } قال : النهر السعة . قال : وهل تعرف العرب ذلك ؟ قال : نعم أما سمعت لبيد بن ربيعة وهو يقول :

ملكت بها فأنهرت فتقها *** يرى قائم من دونها ما وراءها

وأخرج عبد بن حميد عن شريك في قوله { في جنات ونهر } قال : جنات وعيون .

وأخرج عبد بن حميد عن أبي بكر بن عياش رضي الله عنه أن عاصماً قرأ { في جنات ونهر } مثلثة منتصبة النون ، قال أبو بكر رضي الله عنه : وكان زهير القرشي يقرأ { ونهر } يريد جماعة النهر .

وأخرج الحكيم الترمذي عن بريدة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في قوله { في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر } قال : إن أهل الجنة يدخلون على الجبار كل يوم مرتين فيقرأ عليهم القرآن ، وقد جلس كل امرئ منهم مجلس الذي هو مجلسه على منابر الدر والياقوت والزبرجد والذهب والفضة بالأعمال ، فلا تقر أعينهم قط كما تقر بذلك ، ولم يسمعوا شيئاً أعظم منه ولا أحسن منه ، ثم ينصرفون إلى رحالهم قريرة أعينهم ناعمين إلى مثلها من الغد .

وأخرج الحكيم الترمذي في نوادر الأصول عن محمد بن كعب رضي الله عنه في قوله { إن المتقين في جنات ونهر } قال : في نور وضياء .

وأخرج الحكيم الترمذي عن ثور بن يزيد رضي الله عنه قال : بلغنا أن الملائكة يأتون المؤمنين يوم القيامة فيقولون : يا أولياء الله انطلقوا ، فيقولون : إلى أين ؟ فيقولون : إلى الجنة ، فيقولون : إنكم تذهبون بنا إلى غير بغيتنا ، فيقال لهم : وما بغيتكم ؟ فيقولون : المقعد مع الحبيب وهو قوله { إن المتقين في جنات ونهر في مقعد صدق عند مليك مقتدر } .

وأخرج ابن أبي شيبة عن سعيد بن المسيب قال : دخلت المسجد وأنا أرى أني قد أصبحت فإذا عليَّ ليل طويل ، وإذا ليس فيه أحد غيري ، فقمت فسمعت حركة خلفي ففزعت فقال : أيها الممتلئ قلبه فرقاً لا تفرق ، أو لا تفزع ، وقل : اللهم إنك مليك مقتدر ما تشاء من أمر يكون ، ثم سل ما بدا لك قال سعيد : فما سألت الله شيئاً إلا استجاب لي .

وأخرج أبو نعيم عن جابر قال : بينما رسول الله صلى الله عليه وسلم يوماً في مسجد المدينة فذكر بعض أصحابه الجنة ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : «يا أبا دجانة أما علمت أن من أحبنا وابتلي بمحبتنا أسكنه الله تعالى معنا ، ثم تلا { في مقعد صدق عند مليك مقتدر } » .