لما كانوا كذلك فإن السياق يقرر أن فرعون سيقدمهم يوم القيامة ويكونون له تبعا :
وبينما نحن نسمع حكاية عن الماضي ووعدا عن المستقبل ، إذا المشهد ينقلب ، وإذا المستقبل ماض قد وقع ، وإذا فرعون قد قاد قومه إلى النار وانتهى :
أوردهم كما يورد الراعي قطيع الغنم . ألم يكونوا قطيعا يسير بدون تفكير ؟ ألم يتنازلوا عن أخص خصائص الآدمية وهي حرية الإرادة والاختيار ؟ فأوردهم النار . ويا بئساه من ورد لا يروي غلة ، ولا يشفي صدى ، إنما يشوي البطون والقلوب :
وإذا ذلك كله . قيادة ففرعون لهم ، وإيرادهم موردهم . . إذا ذلك كله حكاية تروى ، ويعلق عليها :
تفسير مقاتل بن سليمان 150 هـ :
{يقدم قومه} القبط {يوم القيامة}، يعني: فرعون قائدهم إلى النار، ويتبعونه كما يتبعونه في الدنيا، {فأوردهم النار}، فأدخلهم، {وبئس الورد المورود}: المدخل المدخول.
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري 310 هـ :
يقول تعالى ذكره: يقدم فرعون قومه يوم القيامة يقودهم، فيمضي بهم إلى النار حتى يوردهموها ويصليهم سعيرها.
{وَبِئْسَ الوِرْدُ}، يقول: وبئس الورد الذي يردونه...
تأويلات أهل السنة للماتريدي 333 هـ :
... (يقدم قومه) أي يكون إماما لهم في الآخرة يتبعون أثره كما كان إمامهم في الدنيا، فاتبعوه كقوله: (يوم ندعو كل أناس بإمامهم) [الإسراء: 71] وكقوله: (وجعلناهم أئمة يدعون إلى النار) [القصص: 41] أخبر أنهم يكونون أئمة لهم في الآخرة...
التبيان في تفسير القرآن للطوسي 460 هـ :
هذا اخبار من الله تعالى أن فرعون يوم القيامة يقدم قومه، ومعناه يمشي على قدمه يقودهم إلى النار... والقيامة: هو وقت قيام الناس من قبورهم للجزاء والحساب بأعمالهم...
"وبئس الورد المورود"... والمعنى أن ما وروده من النار هو المورود بئس الورد لمن ورده...
الكشاف عن حقائق التنزيل للزمخشري 538 هـ :
{يَقْدُمُ قَوْمَهُ} أي كما كان قدوة لهم في الضلال كذلك يتقدّمهم إلى النار وهم يتبعونه. ويجوز أن يريد بقوله: {وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ} وما أمره بصالح حميد العاقبة. ويكون قوله: {يَقْدُمُ قَوْمَهُ} تفسيراً لذلك وإيضاحاً. أيّ: كيف يرشد أمر من هذه عاقبته. والرشد مستعمل في كل ما يحمد ويرتضى، كما استعمل الغيّ في كل ما يذم ويتسخط...
تفسير المنار لرشيد رضا 1354 هـ :
{يقدم قومه يوم القيامة} أي يتقدمهم، ويكونون تبعا له في ذلك اليوم، كما كانوا تابعين له في الدنيا، إلا من كان مؤمنا.
{فأوردهم النار} أي فيوردهم نار جهنم معه، أي يدخلهم إياها، فالإيراد هنا بمعنى الإدخال، كما استعمل الورود بمعنى الدخول، وعبر عنه بالفعل الماضي لتحقق وقوعه، وقيل: إن المراد أنه بإغوائه إياهم قد جعلهم مستحقين لها، وقد ورد أن آله يعرضون عليها منذ ماتوا صباحا ومساء من كل يوم، وهو قوله تعالى: {وحاق بآل فرعون سوء العذاب النار يعرضون عليها غدوا وعشيا ويوم تقوم الساعة أدخلوا آل فرعون أشد العذاب} [غافر: 45، 46].
{وبئس الورد المورود} هي لأن وارد الماء يرده لتبريد كبده وإطفاء غلته من حر الظمأ، ووارد النار يحترق فيها احتراقا، وفيه إشارة إلى الخيبة.
الورود في أصل اللغة بلوغ الماء وموافاته في مورده من نهر وغيره. والورد بالكسر اسم المصدر، ويطلق على الماء، يقال: ورد البعير أو غيره الماء يرده وردا، فهو وارد، والماء مورود، وأورده إياه إيرادا جعله يرده، ومنه ورود جهنم بمعنى دخلوها...
في ظلال القرآن لسيد قطب 1387 هـ :
لما كانوا كذلك فإن السياق يقرر أن فرعون سيقدمهم يوم القيامة ويكونون له تبعا: (يقدم قومه يوم القيامة).. وبينما نحن نسمع حكاية عن الماضي ووعدا عن المستقبل، إذا المشهد ينقلب، وإذا المستقبل ماض قد وقع، وإذا فرعون قد قاد قومه إلى النار وانتهى: (فأوردهم النار)!!... أوردهم كما يورد الراعي قطيع الغنم. ألم يكونوا قطيعا يسير بدون تفكير؟ ألم يتنازلوا عن أخص خصائص الآدمية وهي حرية الإرادة والاختيار؟ فأوردهم النار. ويا بئساه من ورد لا يروي غلة، ولا يشفي صدى، إنما يشوي البطون والقلوب: (وبئس الورد المورود!). وإذا ذلك كله. قيادة ففرعون لهم، وإيرادهم موردهم.. إذا ذلك كله حكاية تروى، ويعلق عليها:...
زهرة التفاسير - محمد أبو زهرة 1394 هـ :
والورد هو الذي يرده الناس لتبريد أجسامهم، ونقع غلتهم وترطيب أكبادهم، وسميت النار به تهكما بحالهم، إذ يردونها، فيجدون النار المتأججة بدل الماء الفرات.
الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل - لجنة تأليف بإشراف الشيرازي 2009 هـ :
ويوم الحشر حين يأتي الناس عرصات القيامة فإنّ زعماؤهم وقادتهم في الدنيا هم الذين سيقودوهم هناك حين يُرى فرعون هناك: (يقدم قومه يوم القيامة) وبدلا من أن ينقذهم ويخلصهم من حرارة المحشر وعطشه يوصلهم إلى جهنم (فأوردهم النّار وبئس الورد المورود) فبدلا من أن يسكَن عطش أتباعه هناك يحرق وجودهم، وبدلا من الإِرواء يزيدهم ظمأ إلى ظمأ...
ويلزم ذكر هذه المسألة الدقيقة، وهي أنّ العالم بعد الموت كما قلنا سابقاً عالم «تتجسم فيه أعمالنا وأفعالنا» الدنيوية بمقياس واسع، فالشقاء والسعادة في ذلك العالم نتيجة أعمالنا في هذه الدنيا، فالأشخاص الذين كانوا في هذه الدنيا قادة الصلاح يقودون الناس إلى الجنّة والسعادة في ذلك العالم، والذين كانوا قادة للظالمين والضالين وأهل النّار يسوقونهم إلى جهنم يتقدمونهم هناك!...
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.