قوله تعالى : { فَأَوْرَدَهُمُ } : يجوز أن تكونَ هذه المسألةُ من باب الإِعمال ، وذلك أنَّ " يَقْدُمُ " يَصْلُح أن يتسلَّط على " النار " بحرف الجر ، أي : يَقْدم قومَه إلى النار ، وكذا " أَوْرَدَهم " يَصِحُّ تسلُّطه عليها أيضاً ، ويكون قد أعمل الثاني للحذف مِن الأول ، ولو أعمل الأولَ لتعدَّى ب إلى ، ولأضمر في الثاني ، ولا محلَّ ل " أَوْرَدَ " لاستئنافِه ، وهو ماضٍ لفظاً مستقبلٌ معنىً ؛ لأنه عَطَفَ على ما هو نصٌّ في الاستقبال . والهمزة في " أَوْرَدَ " للتعدية ، لأنه قبلها يتعدَّى لواحد . قال تعالى : { وَلَمَّا وَرَدَ مَآءَ مَدْيَنَ } وقيل : أوقع الماضي هنا لتحقُّقه . وقيل : بل هو ماضٍ على حقيقته ، وهذا قد وقع وانفصل وذلك أنه أوردهم في الدنيا النار . قال تعالى : { النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْهَا } [ غافر : 46 ] . وقيل : أوردهم مُوْجِبَها وأسبابها ، وفيه بُعْدٌ لأجلِ العطف بالفاء .
والوِرْد : يكون مصدراً بمعنى الوُرود ، ويكون بمعنى الشيء المُوْرَد كالطِّحن والرِّعي . ويُطلب أيضاً على الوارد ، وعلى هذا إنْ جَعَلْت الوِرْد مصدراً أو بمعنى الوارد فلا بدَّ مِنْ حذف مضاف تقديره : وبئس مكانُ الورد المورود ، وهو النار ، وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأنَّ تَصادُقَ فاعل نِعْمَ وبِئْسَ ومخصوصِها شرطٌ ، لا يُقال : نِعْم الرجلُ الفرسَ . وقيل : بل المورود صفةً للوِرْد ، والمخصوصُ بالذم محذوف تقديره : بئس الوِرْدُ المورود النارُ ، جوَّز من ذلك أبو البقاء وابن عطية ، وهو ظاهرُ كلامِ الزمخشري . وقيل : التقدير : بئسَ القومُ المورودُ بهم هم ، فعلى هذا " الورد " مرادٌ به الجمعُ الواردون ، والمَوْرود صفةٌ لهم ، والمخصوص بالذمِّ الضميرُ المحذوف وهو " هم " ، فيكون ذلك للواردين لا لموضع الوِرْد/ كذا قاله الشيخ . وفيه نظر لا يَخْفى : كيف يُراد بالوِرْد الجمع الواردون ، ثم يقول والمورود صفةٌ لهم ؟ وفي وصف مخصوص نعم وبئس خلافٌ بين النحويين منعه ابن السراج وأبو علي .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.