فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{يَقۡدُمُ قَوۡمَهُۥ يَوۡمَ ٱلۡقِيَٰمَةِ فَأَوۡرَدَهُمُ ٱلنَّارَۖ وَبِئۡسَ ٱلۡوِرۡدُ ٱلۡمَوۡرُودُ} (98)

{ يقدم قومه } تعليل للنفي قبله من قدمه بمعنى تقدمه أي يصير متقدما لهم { يوم القيامة } وسابقا لهم إلى عذاب النار كما كان يتقدمهم في الدنيا { فأوردهم النار } أي أنه لا يزال متقدما لهم وهم يتبعونه حتى يوردهم النار في الآخرة والورود الدخول وأورد ماض لفظا مستقبل معنى لأنه عطف على ما هو نص في الاستقبال .

وعبر بالماضي تنبيها على تحقق وقوعه والهمزة في أورد للتعدية لأنه قبلها يتعدى لواحد قال تعالى { ولما ورد ماء مدين } .

وقيل بل هو ماض على حقيقته وهذا قد وقع وانفصل وذلك أنه أوردهم في الدنيا النار ، قال تعالى { النار يعرضون عليها } .

وقيل أوردهم موجباتها وأسبابها وفيه بهم لأجل العطف بالفاء قال قتادة : يمضي فرعون بين أيدي قومه حتى يهجم بهم على النار ، قال الخفاجي : وأنزل لهم النار منزلة الماء فسمى إتيانها ورودا فالنار استعارة مكنية تهكمية للضد وهو الماء وإثبات الورود لها تخييل .

ثم ذم الذي أوردهم إليه فقال { وبئس الورد المورود } أي المدخل المدخول فيه الذي وردوه لأن الوارد إلى الماء الذي يقال له الورد إنما يرده ليطفئ حر العطش ويذهب ظمأه والنار على ضد ذلك ، والورد يكون مصدرا بمعنى الورود فلا بد من حذف مضاف تقديره وبئس مكان الورد المورود وهو النار وإنما احتيج إلى هذا التقدير لأن تصادق فاعل نعم وبئس ومخصوصهما شرط ، فلا يقال نعم الرجل الفرس .