معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

قوله تعالى : { يا قومنا أجيبوا داعي الله } يعني محمداً صلى الله عليه وسلم ، { وآمنوا به يغفر لكم من ذنوبكم } من صلة ، أي ذنوبكم ، { ويجركم من عذاب أليم } قال ابن عباس رضي الله عنهما : فاستجاب لهم من قومهم نحو من سبعين رجلاً من الجن ، فرجعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فوافقوه في البطحاء ، فقرأ عليهم القرآن وأمرهم ونهاهم ، وفيه دليل على أنه صلى الله عليه وسلم كان مبعوثاً إلى الجن والإنس جميعاً . قال مقاتل : لم يبعث قبله نبي إلى الإنس والجن جميعاً . واختلف العلماء في حكم مؤمني الجن ، فقال قوم : ليس لهم ثواب إلا نجاتهم من النار ، وتأولوا قوله : { يغفر لكم من ذنوبكم ويجركم من عذاب أليم } وإليه ذهب أبو حنيفة رضي الله تعالى عنه . وحكى سفيان عن ليث قال : الجن ثوابهم أن يجاروا من النار ، ثم يقال لهم : كونوا تراباً ، وهذا مثل البهائم . وعن أبي الزناد قال : إذا قضي بين الناس قيل لمؤمني الجن : عودوا تراباً فيعودون ترابا ، فعند ذلك يقول الكافر : { يا ليتني كنت تراباً } ( النبأ-40 ) . وقال الآخرون : يكون لهم الثواب في الإحسان كما يكون عليهم العقاب في الإساءة كالإنس ، وإليه ذهب مالك وابن أبي ليلى . وقال جرير عن الضحاك : الجن يدخلون الجنة ويأكلون ويشربون . وذكر النقاش في تفسيره حديث أنهم يدخلون الجنة . فقيل : هل يصيبون من نعيمها : قال : يلهمهم الله تسبيحه وذكره ، فيصيبون من لذته ما يصيبه بنو آدم من نعيم الجنة . وقال أرطأة بن المنذر : سألت ضمرة بن حبيب : هل للجن ثواب ؟ قال : نعم ، وقرأ : { لم يطمثهن إنس قبلهم ولا جان } ( الرحمن- 56 و74 ) ، قال فالإنسيات للإنس والجنيات للجن . وقال عمر بن عبد العزيز : إن مؤمني الجن حول الجنة ، في ربض ورحاب ، وليسوا فيها ، يعني في الجنة .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

21

ثم مضوا في نذارتهم لقومهم في حماسة المقتنع المندفع ، الذي يحس أن عليه واجبا في النذارة لا بد أن يؤديه :

( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ، يغفر لكم من ذنوبكم ، ويجركم من عذاب أليم ) . .

فقد اعتبروا نزول هذا الكتاب إلى الأرض دعوة من الله لكل من بلغته من إنس وجن ؛ واعتبروا محمدا [ صلى الله عليه وسلم ] داعيا لهم إلى الله بمجرد تلاوته لهذا القرآن واستماع الثقلين له : فنادوا قومهم : ( يا قومنا أجيبوا داعي الله وآمنوا به ) . .

وآمنوا كذلك بالآخرة ، وعرفوا أن الإيمان والاستجابة لله يكون معهما غفران الذنب والإجارة من العذاب . فبشروا وأنذروا بهذا الذي عرفوه .

 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{يَٰقَوۡمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ ٱللَّهِ وَءَامِنُواْ بِهِۦ يَغۡفِرۡ لَكُم مِّن ذُنُوبِكُمۡ وَيُجِرۡكُم مِّنۡ عَذَابٍ أَلِيمٖ} (31)

القول في تأويل قوله تعالى : { يَقَوْمَنَآ أَجِيبُواْ دَاعِيَ اللّهِ وَآمِنُواْ بِهِ يَغْفِرْ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُجِرْكُمْ مّنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * وَمَن لاّ يُجِبْ دَاعِيَ اللّهِ فَلَيْسَ بِمُعْجِزٍ فِي الأرْضَ وَلَيْسَ لَهُ مِن دُونِهِ أَوْلِيَآءُ أُوْلََئِكَ فِي ضَلاَلٍ مّبِينٍ } .

يقول تعالى ذكره مخبرا عن قيل هؤلاء النفر من الجنّ يا قَوْمَنا من الجنّ أجِيبُوا دَاعِيَ اللّهِ قالوا : أجيبوا رسول الله محمدا إلى ما يدعوكم إليه من طاعة الله وآمِنُوا بِهِ يقول : وصدّقوه فيما جاءكم به وقومه من أمر الله ونهيه ، وغير ذلك مما دعاكم إلى التصديق به يَغْفِرْ لَكُمْ يقول : يتغمد لكم ربكم من ذنوبكم فيسترها لكم ولا يفضحكم بها في الاَخرة بعقوبته إياكم عليها ويُجِرْكُمْ مِنْ عَذَابٍ إلِيمٍ يقول : وينقذكم من عذاب موجع إذا أنتم تبتم من ذنوبكم ، وأنبتم من كفركم إلى الإيمان بالله وبداعيه .