قوله تعالى : { ربنا وابعث فيهم } . أي في الأمة المسلمة من ذرية إبراهيم وإسماعيل وقيل : في أهل مكة .
قوله تعالى : { رسولاً منهم } . أي مرسلاً منهم أراد به محمداً صلى الله عليه وسلم . حدثنا السيد أبو القاسم علي بن موسى ، حدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن عباس البلخي ، أنا الإمام أبو سليمان أحمد بن محمد بن إبراهيم الخطابي ، أنا محمد بن المكي ، أنا إسحاق بن إبراهيم ، أنا ابن أخي ابن وهب أنا عمي أنا معاوية ، عن صالح عن سعيد بن سويد عن عبد الأعلى بن هلال السلمي عن العرباض بن سارية عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إني عند الله مكتوب خاتم النبيين ، وإن آدم لمنجدل في طينته وسأخبركم بأول أمري : أنا دعوة إبراهيم وبشارة عيسى ورؤيا أمي التي رأت حين وضعتني وقد خرج منها نور أضاءت لها منه قصور الشام " . وأراد بدعوة إبراهيم هذا فإنه دعا أن يبعث في بني إسماعيل رسولاً منهم .
قال ابن عباس : كل الأنبياء من بني إسرائيل إلا عشرة : نوح وهود وصالح وشعيب ولوط وإبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .
قوله تعالى : { يتلو } . يقرأ .
قوله تعالى : { عليهم آياتك } . كتابك يعني القرآن والآية من القرآن كلام متصل إلى انقطاعه وقيل هي جماعة حروف ، يقال خرج القوم بآيتهم أي بجماعتهم .
قوله تعالى : { ويعلمهم الكتاب } . يعني القرآن .
قوله تعالى : { والحكمة } . قال مجاهد : فهم القرآن ، وقال مقاتل : مواعظ القرآن وما فيه من الأحكام ، قال قتيبة : هي العلم والعمل ، ولا يكون الرجل حكيماً حتى يجمعهما ، وقيل : هي السنة ، وقيل : هي الأحكام والقضاء ، وقيل : الحكمة الفقه . قال أبو بكر بن دريد : كل كلمة وعظتك أو دعتك إلى مكرمة أو نهتك عن قبيح فهي حكمة .
قوله تعالى : { ويزكيهم } . أي يطهرهم من الشرك والذنوب ، وقيل : يأخذ الزكاة من أموالهم ، وقال ابن كيسان : يشهد لهم يوم القيامة بالعدالة إذا شهدوا للأنبياء بالبلاغ ، من التزكية ، وهي التعديل .
قوله تعالى : { إنك أنت العزيز الحكيم } . قال ابن عباس : العزيز الذي لا يوجد مثله ، وقال الكلبي : المنتقم بيانه قوله تعالى { والله عزيز ذو انتقام } وقيل : المنيع الذي لا تناله الأيدي ولا يصل إليه شيء وقيل : القوي ، والعزة القوة قال الله تعالى : ( فعززنا بثالث ) أي قوينا وقيل : الغالب قال الله تعالى إخباراً : { وعزني في الخطاب } أي غلبني ، ويقال في المثل : من عز بز أي من غلب سلب .
ثم ألا يتركهم بلا هداية في أجيالهم البعيدة :
( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم . إنك أنت العزيز الحكيم ) . .
وكانت الاستجابة لدعوة إبراهيم وإسماعيل هي بعثة هذا الرسول الكريم بعد قرون وقرون . بعثة رسول من ذرية إبراهيم وإسماعيل ، يتلو عليهم آيات الله ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويطهرهم من الأرجاس والأدناس . إن الدعوة المستجابة تستجاب ، ولكنها تتحقق في أوانها الذي يقدره الله بحكمته . غير أن الناس يستعجلون ! وغير الواصلين يملون ويقنطون !
وبعد فإن لهذا الدعاء دلالته ووزنه فيما كان يشجر بين اليهود والجماعة المسلمة من نزاع عنيف متعدد الأطراف . إن إبراهيم وإسماعيل اللذين عهد الله إليهما برفع قواعد البيت وتطهيره للطائفين والعاكفين والمصلين ، وهما أصل سادني البيت من قريش . . إنهما يقولان باللسان الصريح : ( ربنا واجعلنا مسلمين لك ) . . ( ومن ذريتنا أمة مسلمة لك ) كما يقولان باللسان الصريح : ( ربنا وابعث فيهم رسولا منهم يتلو عليهم آياتك ، ويعلمهم الكتاب والحكمة ويزكيهم ) . . وهما بهذا وذاك يقرر أن وراثة الأمة المسلمة لإمامة إبراهيم ، ووراثتها للبيت الحرام سواء . وإذن فهو بيتها الذي تتجه إليه ، وهي أولى به من المشركين . وهو أولى بها من قبلة اليهود والمسيحيين !
وإذن فمن كان يربط ديانته بإبراهيم من اليهود والنصارى ، ويدعي دعاواه العريضة في الهدى والجنة بسبب تلك الوراثة ، ومن كان يربط نسبه بإسماعيل من قريش . . فليسمع : إن إبراهيم حين طلب الوراثة لبنيه والإمامة ، قال له ربه : ( لا ينال عهدي الظالمين ) . . ولما أن دعا هو لأهل البلد بالرزق والبركة خص بدعوته : ( من آمن بالله واليوم الآخر ) . . وحين قام هو وإسماعيل بأمر ربهما في بناء البيت وتطهيره كانت دعوتهما : أن يكونا مسلمين لله ، وأن يجعل الله من ذريتهما أمة مسلمة ، وأن يبعث في أهل بيته رسولا منهم . . فاستجاب الله لهما ، وأرسل من أهل البيت محمد بن عبد الله ، وحقق على يديه الأمة المسلمة القائمة بأمر الله . الوارثة لدين الله .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.