بحر العلوم لعلي بن يحيى السمرقندي - السمرقندي  
{رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (129)

قال مقاتل : لأن إبراهيم علم أن في ذريته من يكون كفاراً ، فسأل الله تعالى أن يبعث فيهم رسولاً فقال : { رَبَّنَا وابعث فِيهِمْ رَسُولاً مّنْهُمْ يَتْلُواْ عَلَيْهِمْ آياتك } ، يعني القرآن . { وَيُعَلّمُهُمُ الكتاب } ، أي القرآن { والحكمة } ، أي مواعظ القرآن من الحلال والحرام . ويقال : علم التفسير .

{ وَيُزَكّيهِمْ } أي يطهرهم من الكفر والشرك . ويقال : يأمرهم بالزكاة ليطهر أموالهم . قال مقاتل : استجاب الله دعاءه في سورة الجمعة . وهو قوله تعالى : { هُوَ الذي بَعَثَ فِى الأميين رَسُولاً مِّنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ ءاياته وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الكتاب والحكمة وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلَلٍ مُّبِينٍ }

[ الجمعة : 2 ] وروي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : « أَنَا دَعْوَةُ أبِي إبْرَاهِيمَ وَبُشْرَى عِيسَى عليهما السلام » وهي قوله : { وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابن مَرْيَمَ يا بني إسرائيل إِنِّي رَسُولُ الله إِلَيْكُم مُّصَدِّقاً لِّمَا بَيْنَ يَدَىَّ مِنَ التوراة وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسمه أَحْمَدُ فَلَمَّا جَاءَهُم بالبينات قَالُواْ هذا سِحْرٌ مُّبِينٌ } [ الصف : 6 ] ثم قال تعالى : { إِنَّكَ أَنتَ العزيز الحكيم } ، أي المنيع الذي لا يغلبه شيء ، ويقال : { العزيز } الذي لا يعجزه شيء عما أراد . ويقال : العزيز بالنقمة ، ينتقم ممن عصاه متى شاء ، { الحكيم } في أمره الذي يكون عمله موافقاً للعلم .