فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{رَبَّنَا وَٱبۡعَثۡ فِيهِمۡ رَسُولٗا مِّنۡهُمۡ يَتۡلُواْ عَلَيۡهِمۡ ءَايَٰتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ ٱلۡكِتَٰبَ وَٱلۡحِكۡمَةَ وَيُزَكِّيهِمۡۖ إِنَّكَ أَنتَ ٱلۡعَزِيزُ ٱلۡحَكِيمُ} (129)

الضمير في قوله : { وابعث فِيهِمْ } راجع إلى الأمة المسلمة المذكورة سابقاً . وقرأ أبيّ : «وابعث في آخرهم » ويحتمل أن يكون الضمير راجعاً إلى الذرية . وقد أجاب الله لإبراهيم عليه السلام هذه الدعوة ، فبعث في ذريته { رَسُولاً منْهُمْ } وهو محمد صلى الله عليه وسلم . وقد أخبر عن نفسه بأنه دعوة إبراهيم كما سيأتي تخريج ذلك إن شاء الله ، ومراده هذه الدعوة . والرسول هو : المرسل . قال ابن الأنباري : يشبه أن يكون أصله ناقة مرسال ، ورسلة إذا كانت سهلة السير ماضية أمام النوق . ويقال جاء القوم أرسالاً ، أي : بعضهم في أثر بعض ، والمراد بالكتاب : القرآن . والمراد بالحكمة : المعرفة بالدين ، والفقه في التأويل ، والفهم للشريعة ، وقوله : { يُزَكّيهِمْ } أي : يطهرهم من الشرك ، وسائر المعاصي . وقيل : إن المراد بالآيات ظاهر الألفاظ ، والكتاب معانيها ، والحكمة : الحكم ، وهو : مراد الله بالخطاب ، والعزيز : الذي لا يعجزه شيء قاله ابن كيسان . وقال الكسائي : العزيز الغالب .