معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

قوله تعالى : { جند ما هنالك } أي : هؤلاء الذين يقولون هذا القول جند هنالك ، و ( ( ما ) ) صلة ، { مهزوم } مغلوب ، { من الأحزاب } أي : من جملة الأجناد ، يعني : قريشاً . قال قتادة : أخبر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم وهو بمكة أنه سيهزم جند المشركين ، وقال : { سيهزم الجمع ويولون الدبر } فجاء تأويلها يوم بدر ، و( ( هنالك ) ) إشارة إلى بدر ومصارعهم ، ( ( من الأحزاب ) ) ، أي : من حملة الأحزاب ، أي : هم القرون الماضية الذين تحزبوا وتجمعوا على الأنبياء بالتكذيب ، فقهروا وأهلكوا .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{جُندٞ مَّا هُنَالِكَ مَهۡزُومٞ مِّنَ ٱلۡأَحۡزَابِ} (11)

ثم أنهى هذا الفرض التهكمي بتقرير حقيقتهم الواقعية :

( جند ما هنالك مهزوم من الأحزاب ) . .

إنهم ما يزيدون على أن يكونوا جنداً مهزوماً ملقى( هنالك )بعيدا لا يقرب من تصريف هذا الملك وتدبير تلك الخزائن . ولا شأن له فيما يجري في ملك الله ؛ ولا قدرة له على تغيير إرادة الله ؛ ولا قوة له على اعتراض مشيئة الله . . ( جند ما ) . . جند مجهول منكر هين الشأن ، ( مهزوم ) . . كأن الهزيمة صفة لازمة له ، لاصقة به ، مركبة في كيانه ! ( من الأحزاب ) . . المختلفة الاتجاهات والأهواء !

وما يبلغ أعداء الله ورسوله إلا أن يكونوا في هذا الموضع الذي تصوره ظلال التعبير القرآني ، الموحية بالعجز والضعف والبعد عن دائرة التصريف والتدبير . . مهما تبلغ قوتهم ، ويتطاول بطشهم ، ويتجبروا في الأرض فترة من الزمان .