معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦ رُخَآءً حَيۡثُ أَصَابَ} (36)

قوله تعالى : { فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاءً } لينة ليست بعاصفة ، { حيث أصاب } حيث أراد ، تقول العرب : أصاب الصواب فأخطأ الجواب ، تريد أراد الصواب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَسَخَّرۡنَا لَهُ ٱلرِّيحَ تَجۡرِي بِأَمۡرِهِۦ رُخَآءً حَيۡثُ أَصَابَ} (36)

17

وقد استجاب له ربه ، فأعطاه فوق الملك المعهود ، ملكاً خاصاً لا يتكرر :

( فسخرنا له الريح تجري بأمره رخاء حيث أصاب . والشياطين كل بناء وغواص . وآخرين مقرنين في الأصفاد ) .

وتسخير الريح لعبد من عباد الله بإذن الله ؛ لا يخرج في طبيعته عن تسخير الريح لإرادة الله . وهي مسخرة لإرادته تعالى ولا شك ، تجري بأمره وفق نواميسه ؛ فإذا يسر الله لعبد من عباده في فترة من الفترات أن يعبر عن إرادة الله سبحانه وأن يوافق أمره أمر الله فيها وأن تجري الريح رخاء حيث أراد فذلك أمر ليس على الله بمستبعد . ومثله يقع في صور شتى . والله سبحانه يقول في القرآن للرسول [ صلى الله عليه وسلم ]( لئن لم ينته المنافقون والذين في قلوبهم مرض والمرجفون في المدينة لنغرينك بهم ، ثم لا يجاورونك فيها إلا قليلاً ) . .

فما معنى هذا ? معناه أنهم إذا لم ينتهوا فستتجه إرادتنا إلى تسليطك عليهم وإخراجهم من المدينة . وسيتم هذا بتوجيه إرادتك أنت ورغبتك إلى قتالهم وإخراجهم ؛ فتتم إرادتنا بهم عن طريقك . فهذا لون من توافق أمر الله - سبحانه - وأمر النبي [ صلى الله عليه وسلم ] وإرادة الله وأمره هما الأصيلان . وهما يتجليان في إرادة الرسول وأمره وفق ما أراد الله . وهذا يقرب إلينا معنى تسخير الريح لأمر سليمان - عليه السلام - تسخيرها لأمره المطابق لأمر الله في توجيه هذه الرياح ، الممثل لأمر الله المعبر عنه على كل حال .