معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَۖ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ} (83)

قوله تعالى : { مسومةً } ، من نعت الحجارة ، وهي نصب على الحال ، ومعناها معلمة : قال ابن جريج : عليها سيما لا تشاكل حجارة الأرض . وقال قتادة وعكرمة : علها خطوط حمر على هيئة الجزع . وقال الحسن والسدي : كانت مختومة عليها أمثال الخواتيم . وقيل : مكتوب على كل حجر اسم من رمي به .

قوله تعالى : { عند ربك وما هي } ، يعني : تلك الحجارة ، { من الظالمين } ، أي : من مشركي مكة ، { ببعيد } ، وقال قتادة وعكرمة : يعني ظالمي هذه الأمة ، والله ما أجار الله منها ظالما بعد . وفي بعض الآثار : ما من ظالم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة . وروي : أن الحجر اتبع شذاذهم ومسافريهم أين كانوا في البلاد ، ودخل رجل منهم الحرم فكان الحجر معلقا في السماء أربعين يوما حتى خرج فأصابه فأهلكه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَۖ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ} (83)

{ مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ } أي : معلمة ، عليها علامة العذاب والغضب ، { وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ } الذين يشابهون لفعل قوم لوط { بِبَعِيدٍ } فليحذر العباد ، أن يفعلوا كفعلهم ، لئلا يصيبهم ما أصابهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَۖ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ} (83)

و { مسومة } معناه معلمة بعلامة ، فقال عكرمة وقتادة : إنه كان فيها بياض وحمرة : ويحكى أنه كان في كل حجر اسم صاحبه ، وهذه اللفظة هي من سوم إذا أعلم ، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم يوم بدر : «سوموا فقد سومت الملائكة » ويحتمل أن تكون { مسومة } ها هنا بمعنى : مرسلة ، وسومها من الهبوط .

وقوله { وما هي } إشارة إلى الحجارة . و { الظالمين } قيل : يعني قريشاً . وقيل : يريد عموم كل من اتصف بالظلم ، وهذا هو الأصح لأنه روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : «سيكون في أمتي خسف ومسخ وقذف بالحجارة »{[6464]} ، وقد ورد أيضاً حديث : «إن هذه الأمة بمنجاة من ذلك » وقيل يعني ب { هي } : المدن ، ويكون المعنى : الإعلام بأن هذه البلاد قريبة من مكة - والأول أبين - وروي أن هذه البلاد كانت بين المدينة والشام ، وحكى الطبري في تسمية هذه المدن : صيعة ، وصعدة وعمزة ، ودوما وسدوم{[6465]} ، وسدوم وهي القرية العظمى .


[6464]:- رواه الترمذي في الفتن، وأبو داود في الملاحم، وابن ماجه في الفتن، والإمام أحمد في مسنده (2- 163)، ولفظه في المسند عن عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: (إذا رأيتم أمتي تهاب الظالم أن تقول له: أنت ظالم، فقد تودع منهم)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يكون في أمتي خسف ومسخ وقذف).
[6465]:- اختلفت الأصول في كتابة هذه الأسماء، وقد آثرنا اختيار ما يتفق مع ما في الطبري حيث أن ابن عطية نقل الخبر عن الطبري. وآثار هذه القرى معروفة الآن بالأغوار في الأردن.