{ مُّسَوَّمَةً } أي عليها سيما يعلم بها أنها ليست من حجارة الأرض قاله ابن جريح ، وقيل : معلمة ببياض وحمرة ، وروي ذلك عن ابن عباس . والحسن ، وجاء في رواية أخرى عن ابن عباس أنه كان بعضها أسود فيه نقطة بيضاء وبعضها أبيض فيه نقطة سوداء .
وعن الربيع أنها كانت معلمة باسم من يرمي بها ، وكان بعضها كما قيل : مثل رؤوس الإبل . وبعضها مثل مباركها . وبعضها مثل قبضة الرجل { عِندَ رَبّكَ } أي في خزائنه التي لا يملكها غيره سبحانه ولا يتصرف بها سواه عز وجل ، والظرف قيل : منصوب بمسومة أو متعلق بمحذوف وقع صفة له ، والمروى عن مقاتل أن المعنى أنها جاءت من عن ربك ، وعن أبي بكر الهذلي أنها معدة عنده سبحانه .
وقال ابن الأنباري : المراد ألزم هذا التسويم للحجارة عنده تعالى إيذاناً بقدرته وشدة عذابه فليفهم .
{ وَمَا هِىَ } أي الحجارة الموصوفة بما ذكر { مِنَ الظالمين } من كل ظالم { بِبَعِيدٍ } فانهم بسبب ظلمهم مستحقون لها ، وفيه وعيد لأهل الظلم كافة ، وروي هذا عن الربيع .
وأخرج ابن جيرير . وغيره عن قتادة أن المراد من الظالمين ظالمو هذه الأمة ، وجاء في خبر ذكره الثعلبي ، وقال فيه العراقي : لم أقف له على إسناد أنه صلى الله عليه وسلم سأل جبريل عليه السلام عن ذلك فقال : يعني ظالمي أمتك ما من ظالم منهم إلا وهو بعرض حجر يسقط عليه من ساعة إلى ساعة ، وقيل : المراد بالظالمين قوم لوط عليه السلام ، والمعنى لم تكن الحجارة لتخطئهم .
وعن ابن عباس أن المعنى وما عقوبتهم ممن يعمل عملهم ببعيد ، وظاهره أن الضمير للعقوبة المفهومة من الكلام ، و { الظالمين } من يشبههم من الناس ، ويمكن أن يقال : إن مراده بيان حاصل المعنى لا مرجع الضمير .
وذهب أبو حيان إلى أن الظاهر أن يكون ضمير { هِىَ } للقرى التي جعل { عاليها سَافِلَهَا } والمراد من { الظالمين } ظالمو مكة ، وقد كانت قريبة إليهم يمرون عليها في أسفارهم إلى الشام ، وتذكير البعيد يحتمل أن يكون على تأويل الحجارة بالحجر المراد به الجنس ، أو إجرائه على موصوف مذكر أي بشيء بعيد ، أو بمكان بعيد فإنها وإن كانت في السماء وهي في غاية البعد من الأرض ءلا أنها إذا هوت منها فهي أسرع شيء لحوقاً بهم فكأنها بمكان قريب منهم ، أو لأنه على زنة المصدر كالزفير . والصهيل والمصادر يستوي في الوصف بها المذكر والمؤنث .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.