محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَۖ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ} (83)

[ 83 ] { مسومة عند ربك وما هي من الظالمين ببعيد 83 } .

{ مسومة عند ربك } معلمة عنده { وما هي } أي تلك الحجارة { من الظالمين } أي بالشرك وغيره { ببعيد } ، فإنهم بسبب ظلمهم مستحقون لها ، وملابسون بها . وفيه وعيد شديد لأهل الظلم كافة . وقيل : الضمير للقرى ، أي هي قريبة من ظالمي مكة ، يمرون بها في أسفارهم إلى الشام ، وقد صار موضع تلك المدن بحر ماء أجاج لم يزل إلى يومنا هذا ، ويعرف ب ( البحر الميت ) ، لأن مياهه لا تغذي شيئا من جنس الحيوان ، وب ( بحر الزفت ) أيضا ، لأنه ينبعث من عمق مقره إلى سطحه ، فيطفو فوقه ، وب ( بحيرة لوط ) والأرض التي تليها قاحلة ، لا تنبت شيئا .

/ قال أبو السعود : وتذكير ( بعيد ) على تأويل ( الحجارة ) بالحجر ، أو إجرائه على موصوف مذكر ، أي بشيء بعيد ، أو لأنه على زنة المصدر ك ( الزفير ) و ( الصهيل ) . والمصادر ، يستوي في الوصف بها ، المذكر والمؤنث .