الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{مُّسَوَّمَةً عِندَ رَبِّكَۖ وَمَا هِيَ مِنَ ٱلظَّـٰلِمِينَ بِبَعِيدٖ} (83)

وأخرج إسحق بن بشر وابن عساكر عن مجاهد رضي الله عنه . أنه سأل هل بقي من قوم لوط أحد ؟ قال : لا ، إلا رجل بقي أربعين يوماً ، كان تاجراً بمكة فجاءه حجر ليصيبه في الحرم ، فقامت إليه ملائكة الحرم فقالوا للحجر رجع من حيث جئت فإن الرجل في حرم الله . فرجع الحجر فوقف خارجاً من الحرم أربعين يوماً بين السماء والأرض حتى قضى الرجل تجارته ، فلما خرج أصابه الحجر خارجاً من الحرم . يقول الله { ما هي من الظالمين ببعيد } يعني من ظالمي هذه الأمة ببعيد .

وأخرج ابن جرير وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن مجاهد رضي الله عنه في قوله { وما هي من الظالمين ببعيد } قال : يرهب بها قريشاً أن يصيبهم ما أصاب القوم .

وأخرج ابن أبي حاتم عن السدي رضي الله عنه { وما هي من الظالمين ببعيد } يقول : من ظلمة العرب إن لم يؤمنوا أن يعذبوا بها .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن الربيع في الآية قال : كل ظالم فيما سمعنا قد جعل بحذائه حجر ينتظر متى يؤمر أن يقع به ، فخوف الظلمة فقال : وما هي من الظالمين ببعيد .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ عن قتادة رضي الله عنه { وما هي من الظالمين ببعيد } قال : من ظالمي هذه الأمة ، ثم يقول : والله ما أجار الله منها ظالماً بعد .

وأخرج ابن أبي الدنيا في ذم الملاهي وابن المنذر والبيهقي في شعب الإِيمان عن محمد بن المنكدر ويزيد بن حفصة وصفوان بن سليم . أن خالد بن الوليد كتب إلى أبي بكر الصديق رضي الله عنه أنه قد وجد رجلاً في بعض نواحي العرب ينكح كما كانت تنكح المرأة ، وقامت عليه بذلك البينة ، فاستشار أبو بكر رضي الله أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟ فقال علي بن أبي طالب رضي الله عنه : إن هذا ذنب لم يعص الله به أمة من الأمم إلا أمة واحدة ، فصنع الله بها ما قد علمتم ، أرى أن تحرقه بالنار . فاجتمع أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم على أن يحرقوه بالنار ، فكتب أبو بكر رضي الله عنه إلى خالد رضي الله عنه أن احرقه بالنار ، ثم حرقهم ابن الزبير رضي الله عنه في إمارته ، ثم حرقهم هشام بن عبد الملك .

وأخرج ابن المنذر عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن الرأي قال : عذب الله قوم لوط فرماهم بحجارة من سجيل ، فلا ترفع تلك العقوبة عمن عمل عمل قوم لوط .