معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

قوله تعالى : { والذي جاء بالصدق وصدق به } قال ابن عباس : { والذي جاء بالصدق } يعني رسول الله صلى الله عليه وسلم جاء بلا إله إلا الله ، { وصدق به } الرسول أيضاً بلغه إلى الخلق ، وقال السدي :{ والذي جاء بالصدق } جبريل جاء بالقرآن ، { وصدق به } محمد صلى الله عليه وسلم تلقاه بالقبول ، وقال الكلبي ، وأبو العالية : { والذي جاء بالصدق } رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { وصدق به } أبو بكر رضي الله عنه . وقال قتادة ، ومقاتل : { والذي جاء بالصدق } رسول الله صلى الله عليه وسلم ، { وصدق به } هم المؤمنون . لقوله عز وجل : { أولئك هم المتقون } وقال عطاء : { والذي جاء بالصدق } الأنبياء ، { وصدق به } الأتباع ، وحينئذ يكون " الذي " بمعنى : " الذين " كقوله تعالى : { مثلهم كمثل الذي استوقد نارا } ( البقرة-17 ) ، ثم قال : { ذهب الله بنورهم } ( البقرة-17 ) وقال الحسن : هم المؤمنون صدقوا به في الدنيا ، وجاؤوا به في الآخرة . وفي قراءة عبد الله بن مسعود : والذين جاؤوا بالصدق ، وصدقوا به .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

ولما ذكر الكاذب المكذب وجنايته وعقوبته ، ذكر الصادق المصدق وثوابه ، فقال : { وَالَّذِي جَاءَ بِالصِّدْقِ } في قوله وعمله ، فدخل في ذلك الأنبياء ومن قام مقامهم ، ممن صدق فيما قاله عن خبر اللّه وأحكامه ، وفيما فعله من خصال الصدق .

{ وَصَدَّقَ بِهِ } أي : بالصدق لأنه قد يجيء الإنسان بالصدق ، ولكن قد لا يصدق به ، بسبب استكباره ، أو احتقاره لمن قاله وأتى به ، فلا بد في المدح من الصدق والتصديق ، فصدقه يدل على علمه وعدله ، وتصديقه يدل على تواضعه وعدم استكباره .

{ أُولَئِكَ } أي : الذين وفقوا للجمع بين الأمرين { هُمُ الْمُتَّقُونَ } فإن جميع خصال التقوى ترجع إلى الصدق بالحق والتصديق به .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

{ والذي جاء بالصدق وصدق به } اللام للجنس ليتناول الرسل والمؤمنين لقوله : { أولئك هم المتقون } وقيل هو النبي صلى الله عليه وسلم والمراد هو ومن تبعه كما في قوله تعالى : { ولقد آتينا موسى الكتاب لعلهم يهتدون } وقيل الجائي هو الرسول والمصدق أبو بكر رضي الله عنه ، وذلك يقتضي إضمار الذي هو غير جائز . وقرئ " وصدق به " بالتخفيف أي صدق به الناس فأداه إليهم كما نزل من غير تحريف ، أو صار صادقا بسببه لأنه معجز يدل على صدقه " وصدق به " على البناء للمفعول .

 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

الذي جاء بالصدق هو محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم والصدق : القرآن كما تقدم آنفاً في قوله : { وكذَّب بالصدق إذ جاءه } [ الزمر : 32 ] .

وجملة { وصدَّقَ بهِ } صلة موصوللٍ محذوففٍ تقديره : والذي صدق به ، لأن المصدق غير الذي جاء بالصدق ، والقرينة ظاهرة لأن الذي صَدَّق غير الذي جاء بالصدق فالعطف عطف جملة كاملة وليس عطف جملة صِلة .

وضمير { بِهِ } يجوز أن يعود على ( الصدق ) ويجوز أن يعود على الذي { جَاءَ بالصِدْق ، } والتصديق بكليهما متلازم ، وإذ قد كان المصدقون بالقرآن أو بالنبي صلى الله عليه وسلم من ثبت له هذا الوصف كان مراداً به أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم جماعة فلا تقع صفتهم صلة ل { الذي } لأن أصله للمفرد ، فتعين تأويله بفريق ، وقرينته { أولئك هم المتقون ، } وإنما أفرد عائد الموصول في قوله : { وصَدَّقَ } رعياً للفظ { الذي } وذلك كله من الإِيجاز .

وروى الطبري بسنده إلى علي بن أبي طالب أنه قال : الذي جاء بالصدق محمد صلى الله عليه وسلم والذي صدق به أبو بكر ، وقاله الكلبي وأبو العالية ، ومحمله على أن أبا بكر أول من صدّق النبي صلى الله عليه وسلم .

وجملة { أولئك هم المتقون } خبر عن اسم الموصول . وجيء باسم الإشارة للعناية بتمييزهم أكمل تمييز . وضمير الفصل في قوله { هم المتقون } يفيد قصر جنس المتقين على { الذي جاء بالصدق وصدق به } لأنه لا متقي يومئذٍ غير الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه وكلهم متقون لأن المؤمنين بالنبي صلى الله عليه وسلم لما أشرقت على نفوسهم أنوار الرسول صلى الله عليه وسلم تَطهرت ضمائرهم من كل سيئة فكانوا محفوظين من الله بالتقوى قال تعالى : { كنتم خير أمة أخرجت للناس } [ آل عمران : 110 ] . والمعنى : أولئك هم الذين تحقق فيهم ما أريد من إنزال القرآن الذي أشير إليه في قوله : { لعلهم يتقون } [ الزمر : 28 ] .