فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{وَٱلَّذِي جَآءَ بِٱلصِّدۡقِ وَصَدَّقَ بِهِۦٓ أُوْلَـٰٓئِكَ هُمُ ٱلۡمُتَّقُونَ} (33)

ثم ذكر سبحانه فريق المؤمنين المصدّقين ، فقال : { والذى جَاء بالصدق وَصَدَّقَ بِهِ } الموصول في موضع رفع بالابتداء ، وهو عبارة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ومن تابعه ، وخبره { أُوْلَئِكَ هُمُ المتقون } ، وقيل : الذي جاء بالصدق رسول الله ، والذي صدّق به أبو بكر . وقال مجاهد : الذي جاء بالصدق رسول الله صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به عليّ بن أبي طالب . وقال السدّي : الذي جاء بالصدق جبريل ، والذي صدّق به رسول الله صلى الله عليه وسلم . وقال قتادة ، ومقاتل ، وابن زيد : الذي جاء بالصدق النبي صلى الله عليه وسلم ، والذي صدّق به المؤمنون . وقال النخعي : الذي جاء بالصدق ، وصدّق به هم المؤمنون الذين يجيئون بالقرآن يوم القيامة . وقيل : إن ذلك عام في كل من دعا إلى توحيد الله ، وأرشد إلى ما شرعه لعباده ، واختار هذا ابن جرير ، وهو الذي اختاره من هذه الأقوال ، ويؤيده قراءة ابن مسعود : " والذين جاءوا بالصدق وصدّقوا به " . ولفظ { الذي } كما وقع في قراءة الجمهور وإن كان مفرداً ، فمعناه الجمع ، لأنه يراد به الجنس كما يفيده قوله : { أُوْلَئِكَ هُمُ المتقون } أي المتصفون بالتقوى التي هي عنوان النجاة . وقرأ أبو صالح : " وصدق به " مخففاً ، أي : صدق به الناس .

/خ35