{ والذي جاء بالصدق } معادله لقوله : { فمن أظلم } .
{ وصدّق به } مقابل لقوله : { وكذب بالصدق } .
والذي جنس ، كأنه قال : والفريق الذي جاء بالصدق ، ويدل عليه : { أولئك هم المتقون } ، فجمع .
كما أن المراد بقوله : { فمن أظلم } ، يراد به جمع ، ولذلك قال { مثوى للكافرين } .
وفي قراءة عبد الله : والذي جاؤا بالصدق وصدقوا به .
وقيل : أراد والذين ، فحذفت منه النون ، وهذا ليس بصحيح ، إذ لو أريد الذين بلفظ الذي وحذفت منه النون ، لكان الضمير مجموعاً كقوله :
وإن الذي حانت بفلح دماؤهم . . .
ألا ترى أنه إذا حذفت النون في المثنى كان الضمير مثنى ؟ كقوله :
أبني كليب أن عميّ اللذا *** قتلا الملوك وفككا الأغلالا
وقيل : الذي جاء بالصدق وصدق به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
وقيل : الذي جاء بالصدق جبريل ، والذي صدق به هو محمد صلى الله عليه وسلم .
وقال عليّ ، وأبو العالية ، والكلبي ، وجماعة : الذي جاء بالصدق هو الرسول ، والذي صدق به هو أبو بكر .
وقال أبو الأسود ، ومجاهد ، وجماعة : الذي صدق به وهو عليّ بن أبي طالب .
وقال الزمخشري : والذي جاء بالصدق وصدق به هو رسول الله صلى الله عليه وسلم .
جاء بالصدق وآمن به ، وأراد به إياه ومن تبعه ، كما أراد بموسى إياه وقومه في قوله : { ولقد آيتنا موسى الكتاب لعلهم يهتدون } ولذلك قال : { أولئك هم المتقون } ، إلا أن هذا في الصفة ، وذلك في الاسم .
ويجوز أن يريد : والفوج والفريق الذي جاء بالصدق وصدق به ، وهو الرسول الذي جاء بالصدق ، وصحابته الذين صدقوا به . انتهى .
وقوله : وأراد به إياه ومن تبعه ، كما أراد بموسى إياه وقومه .
استعمل الضمير المنفصل في غير موضعه ، وإنما هو متصل ، فإصلاحه وأراده به ومن تبعه ، كما أراده بموسى وقومه : أي لعل قومه يهتدون ، إذ موسى عليه السلام مهتدٍ .
فالمترجى هداية قومه ، لا هدايته ، إذ لا يترجى إلا ما كان مفقوداً لا موجوداً .
وقوله : ويجوز إلخ ، فيه توزيع الصلة ، والفوج هو الموصول ، فهو كقوله : جاء الفريق الذي شرف وشرّف .
والأظهر عدم التوزيع ، بل المعطوف على الصلة ، صلة لمن له الصلة الأولى .
وقرأ الجمهور : { وصدق } مشدداً ؛ وأبو صالح ، وعكرمة بن سليمان ، ومحمد بن جحازة : مخففاً .
قال ابن عطية : فعلى هذا إسناد الأفعال كلها إلى محمد صلى الله عليه وسلم ، وكأن أمته في ضمن القول ، وهو الذي يحسن { أولئك هم المتقون } . انتهى .
وقال الزمخشري : أي صدق به الناس ، ولم يكذبهم به ، يعني : أداه إليهم ، كما نزل عليه من غير تحريف .
وقيل : معناه : وصار صادقاً به ، أي بسببه ، لأن القرآن معجزة ، والمعجزة تصديق من الحكيم الذي لا يفعل القبيح لمن يجريها على يديه ، ولا يجوز أن يصدق إلا الصادق ، فيصير لذلك صادقاً بالمعجزة .
انتهى ، يعني : مبنياً للمفعول مشدداً .
وقال صاحب اللوامح : جاء بالصدق من عند الله وصدق بقوله ، أي في قوله ، أو في مجيئه ، فاجتمع له الصفتان من الصدق : من صدقه من عند الله ، وصدقه بنفسه ، وذلك مبالغة في المدح . انتهى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.