معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

قوله تعالى : { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك } ، روي أن اليهود ، وقيل : إن المشركين- قالوا : إن هذا الرجل ليست له همة إلا في النساء فأنزل الله تعالى : { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً وذريةً } ، وما جعلناهم ملائكة لا يأكلون ولا يشربون ولا ينكحون . { وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } ، هذا جواب عبد الله بن أبي أمية . ثم قال : { لكل أجل كتاب } ، يقول لكل أمر قضاه الله كتاب قد كتبه فيه ووقت يقع فيه . وقيل : لكل آجل أجله الله كتاب أثبت فيه . وقيل فيه تقديم وتأخير ، تقديره : أي ، لكل كتاب أجل ومدة ، أي : الكتب المنزلة لكل واحد منها وقت ينزل فيه .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

{ 38 - 39 } { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ * يَمْحُوا اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ وَعِنْدَهُ أُمُّ الْكِتَابِ }

أي : لست أول رسول أرسل إلى الناس حتى يستغربوا رسالتك ، { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً } فلا يعيبك أعداؤك بأن يكون لك أزواج وذرية ، كما كان لإخوانك المرسلين ، فلأي شيء يقدحون فيك بذلك وهم يعلمون أن الرسل قبلك كذلك ؛ إلا لأجل أغراضهم الفاسدة وأهوائهم ؟ وإن طلبوا منك آية اقترحوها فليس لك من الأمر شيء .

{ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ } والله لا يأذن فيها إلا في وقتها الذي قدره وقضاه ، { لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } لا يتقدم عليه ولا يتأخر عنه ، فليس استعجالهم بالآيات أو بالعذاب موجبا لأن يقدم الله ما كتب أنه يؤخر مع أنه تعالى فعال لما يريد .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

{ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك } بشرا مثلك . { وجعلنا لهم أزوجا وذرية } نساء وأولادا كما هي لك . { وما كان لرسول } وما يصح له ولم يكن في وسعه . { أن يأتي بآية } تقترح عليه وحكم يلتمس منه . { إلا بإذن الله } فإنه المليء بذلك . { لكل أجل كتاب } لكل وقت وأمد حكم يكتب على العباد على ما يقتضيه استصلاحهم .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

وقوله : { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك } الآية . في صدر هذه الآية تأنيس للنبي صلى الله عليه وسلم ورد على المقترحين من قريش بالملائكة المتعجبين من بعثة الله بشراً رسولاً . فالمعنى : أن بعثك يا محمد ليس ببدع فقد تقدم هذا في الأمم . ثم جاء قوله : { وما كان لرسول } الآية ، لفظه لفظ النهي والزجر ، والمقصود به إنما هو النفي المحض ، لكنه نفي تأكد بهذه العبارة ، ومتى كانت هذه العبارة عن أمر واقع تحت قدرة المنهي فهي زجر ، ومتى لم يقع ذلك تحت قدرته فهو نفي محض مؤكد ، و { بإذن الله } معناه : إلا أن يأذن الله في ذلك .

وقوله : { لكل أجل كتاب } لفظ عام في جميع الأشياء التي لها آجال ، وذلك أنه ليس كائن منها إلا وله أجل في بدئه أو في خاتمته .

وكل أجل مكتوب محصور ، فأخبر تعالى عن كتبه الآجال التي للأشياء عامة ، وقال الضحاك والفراء : المعنى : لكل كتاب أجل{[6981]} .

قال القاضي أبو محمد : وهذا العكس غير لازم ولا وجه له ، إذ المعنى تام في ترتيب القرآن ، بل يمكن هدم قولهما بأن الأشياء التي كتبها الله تعالى أزلية باقية كتنعيم أهل الجنة وغيره يوجد كتابها لا أجل له .


[6981]:قال الفراء في "معاني القرآن": ومثله {وجاءت سكرة الموت بالحق}، وذلك عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه، "وجاءت سكرة الحق بالموت"، لأن الحق يأتي بها وتأتي به، فكذلك تقول: "لكل أجل مؤجل ولكل مؤجل أجل" والمعنى واحد، والله أعلم ا هـ. قال أبو حيان : ولا يجوز ادعاء القلب إلا في ضرورة الشعر، وأما هنا فالمعنى في غاية الصحة بلا عكس ولا قلب، بل ادعاء القلب هنا لا يصح المعنى عليه إذ ثم أشياء كتبها الله أزلية ـ كنعيم أهل الجنة ـ و لا أجل لها. وهذا هو نفس الرأي الذي قدمه ابن عطية.