السراج المنير في تفسير القرآن الكريم للشربيني - الشربيني  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

ونزل لما عير الكفار النبيّ صلى الله عليه وسلم بكثرة النساء { ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك وجعلنا لهم أزواجاً } ، أي : نساء ينكحونهنّ فكان لسليمان امرأة وسرية وكان لداود عليه السلام إمرأة { وذرية } ، أي : أولاداً فأنت مثلهم ، وكانوا يقولون أيضاً : لو كان رسولاً من عند الله لكان ، أي : شيء طلبناه منه من المعجزات أتى به فردّ الله تعالى عليهم بقوله تعالى : { وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } ، أي : بإرادته ؛ لأنّ المعجزة الواحدة كافية في إزالة العذر ، والعلة وفي إظهار الحجة والبينة ، وأمّا الزائد عليها فهو مفوض إلى مشيئة الله تعالى إن شاء أظهرها وإن لم يشأ لم يظهرها لا اعتراض لأحد عليه في ذلك . ولما توعدهم صلى الله عليه وسلم نزول العذاب ، وظهور النصرة له ولقومه وتأخر ذلك عنهم قالوا : لو كان نبياً صادقاً لما ظهر كذبه ، فردّ الله تعالى عليهم بقوله تعالى { لكل أجل } ، أي : مدّة { كتاب } ، أي : مكتوب قد أثبت فيه أن أمر كذا يكون في وقت كذا من الثواب والعقاب والأحكام ، والإتيان بالآيات وغيرها إثباتاً ونسخاً على ما تقتضيه الحكمة . ولما اعترضوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقالوا : إنّ محمداً يأمر أصحابه بأمر اليوم ، ثم يأمر بخلافه غداً ، وما سبب ذلك إلا أنه يقوله من تلقاء نفسه .