إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً } كثيرةً كائنة { من قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرّيَّةً } نساء وأولاداً كما جعلناها لك وهو رد لما كانوا يَعيبونه صلى الله عليه وسلم بالزواج والولاد ، كما كانوا يقولون : ما لهذا الرسولِ يأكل الطعام ؟ الخ { وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ } منهم أي ما صح وما استقام ولم يكن في وسعه { وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً } مما اقتُرح عليه وحكمٍ مما التُمس منه { إِلاَّ بِإِذْنِ الله } ومشيئتِه المبنية على الحِكم والمصالحِ التي عليها يدور أمرُ الكائنات لاسيما مثلُ هذه الأمورِ العظام ، والالتفاتُ لما قدمناه ولتحقيق مضمون الجملةِ بالإيماء إلى العلة { لِكُلّ أَجَلٍ } أي لكل مدةٍ ووقت من المُدد والأوقات { كِتَابٌ } حكمٌ معين يُكتب على العباد حسبما تقتضيه الحكمةُ فإن الشرائعَ كلها لإصلاح أحوالِهم في المبدأ والمعاد ومن قضية ذلك أنه يختلف حسب اختلافِ أحوالِهم المتغيّرةِ حسب تغيّرِ الأوقات كاختلاف العِلاج حسب اختلافِ أحوالِ المرضى بحسب الأوقات .