فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذرِّيَّةً وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأْتِيَ بِئايَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ ( 38 ) }

{ وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِّن قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذرِّيَّةً } أي أن الرسل الذين أرسلناهم من جنس البشر لهم أزواج من النساء ولهم ذرية توالدوا منهم ومن أزواجهم ولم نرسل من الملائكة الذين لا يتزوجون ولا يكون لهم ذرية .

وفي هذا رد على من كان ينكر على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تزوجه بالنساء أي أن هذا شأن رسل الله المرسلين قبل هذا الرسول فما بالكم تنكرون عليه ما كانوا عليه فإنه قد كان لسليمان ثلثمائة امرأة وسبعمائة سرية فلم يقدح ذلك في نبوته وكان لأبيه داود مائة امرأة وكانوا ينكحون ويأكلون ويشربون فكيف يجعل هذا قادحا في نبوتك .

وعن الحسن عن سمرة قال : ( نهى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن التبتل ) {[1007]} أخرجه ابن ماجة والطبراني وابن المنذر وابن أبي حاتم وأبو الشيخ وابن مردويه وعن سعد بن هشام قال : دخلت على عائشة وقلت : إني أريد أن أتبتل . قالت : لا تفعل أما سمعت الله يقول : { ولقد أرسلنا رسلا } الآية أخرجه ابن أبي حاتم وابن مردويه . وقد ورد في النهي عن التبتل والترغيب في النكاح ما هو معروف ، وقد كان لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سبعة أولاد أربع بنات وثلاثة ذكور وكانوا في الترتيب في الولادة هكذا : القاسم فزينب فرقية ففاطمة فأم كلثوم فعبد الله ويلقب بالطيب والطاهر فإبراهيم وكلهم من خديجة إلا إبراهيم فمن مارية القبطية ، وماتوا جميعا في حياته إلا فاطمة فعاشت بعده ستة أشهر .

{ وَمَا كَانَ } أي لم يكن { لِرَسُولٍ } من الرسل { أَن يَأْتِيَ بِآيَةٍ } من الآيات { إِلاَّ بِإِذْنِ اللّهِ } سبحانه فإن شاء أظهر وإن شاء لم يظهرها وليس ذلك إلى الرسول ، لأن الرسل مربوبون ومقهورون ومغلوبون محكوم عليهم متصرف فيهم بتدبير أمرهم .

{ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتَابٌ } أي لكل أمر مما قضاه الله أو لكل وقت من الأوقات التي قضى الله بوقوع أمر فيها كتاب الله يكتبه على عباده ويحكم به فيهم ، وقال الفراء : فيه تقديم وتأخير ، والمعنى لكل كتاب أجل أي لكل أمر كتبه الله أجل مؤجل ووقت معلوم كقوله سبحانه : { لكل نبأ مستقر } وليس الأمر على إرادة الكفار واقتراحاتهم بل على حسب ما يشاؤه الله ويختاره ، وفيه رد لاستعجالهم الآجال والأعمار وإتيان المعجزات والعذاب ، فقد كان يخوفهم بذلك فاستعجلوه عنادا فرد الله عليهم ذلك .

والمراد بالأجل هنا أزمنة الموجودات فلكل موجود زمان يوجد فيه محدود لا يزاد عليه ولا ينقص ، والمراد بالكتاب صحف الملائكة التي تنسخها من اللوح المحفوظ أو اللوح نفسه .


[1007]:أحمد بن حنبل 3 / 158 – 245 – 5 / 17 - 6 / 125 - 157 – 253.