محاسن التأويل للقاسمي - القاسمي  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

[ 38 ] { ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله لكل أجل كتاب 38 } .

{ ولقد أرسلنا رسلا من قبلك وجعلنا لهم أزواجا وذرية } أي : مثل إبراهيم وإسحاق ويعقوب وغيرهم وهو رد لقولهم : لو كان نبيا لكان من جنس الملائكة كما قالوا{[5110]} : { ما لهذا الرسول يأكل الطعام ويمشي في الأسواق } وإعلام ، بأن ذلك سنة كثير من الرسل ، فما جاز في حقهم لم لا يجوز في حقه ؟ وقد قال تعالى له{[5111]} : { قل إنما أنا بشر مثلكم يوحى إلي } . { وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله } أي : ما صح له ولا استقام ولم يكن في وسعه أن يأتي بما يقترح عليه ، إلا بإرادته تعالى في وقته ، لأن الآيات معينة بإزاء الأوقات التي تحدث فيها ، من غير تغير وتبدل وتقدم وتأخر . فأمرها منوط بمشيئته تعالى ، المبنية على الحكم والمصالح التي عليها يدور أمر الكائنات { لكل أجل كتاب } أي لكل وقت من الأوقات أمر مكتوب ، مقدر معين أو مفروض في ذلك الوقت على الخلق حسبما تقتضيه الحكمة فالشرائع معينة عند الله بحسب الأوقات ، في كل وقت يأتي ، بما هو صلاح ذلك الوقت ، رسول من عنده ، وكذا جميع الحوادث من الآيات / وغيرها فليس الأمر على إرادة الكفار واقتراحاتهم ، بل على حسب ما يشاؤه تعالى ويختاره . وفيه رد لاستعجالهم الآجال وإتيان الخوارق والعذاب .


[5110]:[25 / الفرقان / 7].
[5111]:[18/ الكهف / 110].