تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{وَلَقَدۡ أَرۡسَلۡنَا رُسُلٗا مِّن قَبۡلِكَ وَجَعَلۡنَا لَهُمۡ أَزۡوَٰجٗا وَذُرِّيَّةٗۚ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَن يَأۡتِيَ بِـَٔايَةٍ إِلَّا بِإِذۡنِ ٱللَّهِۗ لِكُلِّ أَجَلٖ كِتَابٞ} (38)

وقوله تعالى : ( وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجاً وَذُرِّيَّةً ) قال بعض أهل التأويل : تزل هذا ؛ وذلك أن اليهود عيروا رسول الله ، وطعنوه[ في الأصل وم : وطعنوا ] في كثرة النساء والأولاد ، وقالوا : لو كان نبيا على ما يزعم لكان لا يتمتع بالنساء ، ولا يطلب الأولاد ، كما يفعله غيره ، وما كانت النبوءة تشغله عن ذلك ، فأنزل الله ( ولقد أرسلنا ) الآية : أي الاستمتاع بالنساء ، واستكثاره[ في الأصل وم : واستكثارهم ] منهن لم يمنعه[ في الأصل وم : يمنع ] عن الاختصاص بالنبوءة والرسالة على ما لم يمنع غيره من الرسل الذين كانوا من قبله ، والله أعلم .

وقوله تعالى : ( وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ ) أي لا يملكون إنزال الآيات من أنفسهم . إنما يتولى الله إنزالها إن[ من م ، في الأصل : إذا ] شاء ذلك ، وهو قول عيسى حين[ في الأصل وم : حيث ] قال : ( وأبرئ الأكمة والأبرص ) الآية[ آل عمران : 49 ] أخبر أن ما يأتي من الآيات إنما يأتيها بإذن الله وبأمره لا من نفسه .

ويحتمل[ الواو ساقطة من الأصل وم ] أن يكون جواب ما ذكر أهل التأويل وجواب غير ذلك أيضا ، وهو طعنهم الرسول بالأكل والشرب والمشي في الأسواق ، وسؤالهم الآيات التي سألوهم ، وجواب /266-أ/ إنكارهم الرسل من البشر .

يقول : لست أنت بأول رسول ، طعنت بما طعنك به قومك ، ولكن ما كان قبلك رسول طعنهم[ في الأصل وم : طعن ] به قومك ، وسؤالهم من الآيات ما سألك[ في الأصل وم : سأل ] به قومك ، فلم يكن ذلك لهم عذرا في رد ما ردوا وترك ما تركوا ، بل نزل بهم العذاب ، فعلى ذلك قومك .

وقوله تعالى : ( لكل أجل كتاب ) اختلف فيه : قال قائلون : لكل كتاب أجل ، وهي الكتب التي أنزلت على الرسل ، يعمل بها إلى وقت ثم تنسخ ، أو يترك العمل بها .

وقال قائلون : هو ما قال : ( لكل أجل كتاب ) أي لكل ذي أجل أجله إلى وقت اقتضائه ، ليس يراد به الكتابة باليد ، ولكن الإثبات كقوله : ( أولئك كتب في قلوبهم الإيمان )[ المجادلة : 22 ] أي أثبت ، ليس أن كتب هنالك باليد . فعلى ذلك قوله : ( لكل أجل كتاب ) أي إثبات إلى وقت .

ويحتمل قوله : ( لكل أجل كتاب ) لكل كتاب أجل ، أي لكل ما كتب له الأجل ، وجعل له الوقت من العذاب ، ينزل بالمعاندين[ في الأصل وم : من المعاندين ] ، والنصر للرسل ، فإنه لا يكون قبل ذلك الوقت ، ولا يتأخر أيضا عن ذلك الوقت ، وهو كقوله : ( فإذا جاء أجلهم لا يستأخرون ساعة ) الآية[ الأعراف : 34 ] .