{ إلا الذين عاهدتم من المشركين } . هذا استثناء من قوله { براءة من الله ورسوله إلا الذين عاهدتم من المشركين } إلا من عهد الذين عاهدتم من المشركين ، وهم بنو ضمرة ، حي من كنانة ، أمر الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم بإتمام عهدهم إلى مدتهم ، وكان قد بقي من مدتهم تسعة أشهر ، وكان السبب فيه أنهم لم ينقضوا العهد ، وهذا معنى قوله تعالى .
قوله تعالى : { ثم لم ينقصوكم شيئا } . من عهدهم الذي عاهدتموهم عليه .
قوله تعالى : { ولم يظاهروا } ، ولم يعاونوا .
قوله تعالى : { عليكم أحدا } ، من عدوكم ، وقرأ عطاء بن يسار : لم ينقصوكم ، بالضاد المعجمة ، من نقض العهد .
قوله تعالى : { فأتموا إليهم عهدهم } . فأوفوا لهم بعهدهم .
قوله تعالى : { إلى مدتهم } . إلى أجلهم الذي عاهدتموهم عليه .
{ 4 ْ } { إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنْقُصُوكُمْ شَيْئًا وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَدًا فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ْ }
أي هذه البراءة التامة المطلقة من جميع المشركين . { إِلَّا الَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِنَ الْمُشْرِكِينَ ْ } واستمروا على عهدهم ، ولم يجر منهم ما يوجب النقض ، فلا نقصوكم شيئا ، ولا عاونوا عليكم أحدا ، فهؤلاء أتموا لهم{[362]} عهدهم إلى مدتهم ، قَلَّتْ ، أو كثرت ، لأن الإسلام لا يأمر بالخيانة وإنما يأمر بالوفاء .
{ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ ْ } الذين أدوا ما أمروا به ، واتقوا الشرك والخيانة ، وغير ذلك من المعاصي .
هذا استثناء من ضرب مدة التأجيل بأربعة أشهر ، لمن له عهد مطلق ليس بمؤقت ، فأجله ، أربعة أشهر ، يسيح في الأرض ، يذهب فيها لينجو بنفسه حيث شاء ، إلا من له عهد مؤقت ، فأجله إلى مدته المضروبة التي عوهد عليها ، وقد تقدمت الأحاديث : " ومن كان له عهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فعهده إلى مدته " وذلك بشرط ألا ينقض المعاهد عهده ، ولم يظاهر على المسلمين أحدا ، أي : يمالئ عليهم من سواهم ، فهذا الذي يوفى له بذمته وعهده{[13247]} إلى مدته ؛ ولهذا حرض{[13248]} الله تعالى على الوفاء بذلك فقال : { إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَّقِينَ } أي : الموفين بعهدهم .
هذا هو الاستثناء الذي تقدم ذكره في المشركين الذين بقي من عهدهم تسعة أشهر وكانوا قد وفوا بالعهد على ما يجب ، وقال قتادة : هم قريش الذين عوهدوا زمن الحديبية .
قال القاضي أبو محمد : وهذا مردود بإسلام قريش في الفتح قبل الأذان بهذا كله ، وقال ابن عباس : قوله { إلى مدتهم } إلى الأربعة الأشهر التي في الآية ، وقرأ الجمهور «ينقصوكم » بالصاد غير منقوطة ، وقرأ عطاء بن يسار وعكرمة وابن السميفع «ينقضوكم » بالضاد من النقض وهي متمكنة مع العهد ولكنها قلقة في تعديلها إلى الضمير ، ويحسن ذلك أن النقض نقض وفاء وحق للمعاهد ، وكذلك تعدى «أتموا » ب «إلى » لما كان العهد في معنى ما يؤدى ويبرأ به{[5513]} وكأنهم يقتضون العهد ، و { يظاهروا } معناه يعاونوا ، والضمير المعين ، وأصله من الظهر كان هذا يسند ظهره إلى الآخر والآخر كذلك وقوله { إن الله يحب المتقين } تنبيه عكلى أن الوفاء بالعهد من التقوى .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.