{ إِلاَّ الذين عاهدتم مّنَ المشركين } استدراكٌ من النبذ السابقِ الذي أُخّر فيه القتالُ أربعةَ أشهرٍ كأنه قيل : لا تُمهلوا الناكثين فوق أربعةِ أشهرٍ لكن الذين عاهدتموهم ثم لم ينكُثوا عهدَهم فلا تُجْروهم مجرى الناكثين في المسارعة إلى قتالهم بل أتِمّوا إليه عهدَهم ، ولا يضُرّ في ذلك تخللُ الفاصلِ بقوله تعالى : { وَأَذَانٌ منَ الله وَرَسُولِهِ } الخ لأنه ليس بأجنبي بالكلية بل هو أمر بإعلام تلك البراءةِ كأنه قيل : وأَعلِموها ، وقيل : هو استثناءٌ متصلٌ من المشركين الأوّل ، ويرده بقاءُ الثاني على العموم مع كونهما عبارةً عن فريق واحد وجعلُه استثناءً من الثاني يأباه بقاء الأولُ كذلك وقيل : هو استداركٌ من المقدر في ( فسيحوا ) أي قولوا لهم : سيحوا أربعةَ أشهر لكن الذين عاهدتم منهم { ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً } من شروط الميثاقِ ولم يقتُلوا منكم أحداً ولم يضروكم قط وقرىء بالمعجمة أي لم ينقضوا عهدَكم شيئاً من النقض ، وكلمة ثم للدِلالة على ثباتهم على عهدهم مع تمادي المدة { وَلَمْ يظاهروا } أي لم يعاونوا { عَلَيْكُمْ أَحَداً } من أعدائكم كما عدتْ بنو بكر على خُزاعةَ في غَيْبة رسول الله صلى الله عليه وسلم فظاهَرَتْهم قريشٌ بالسلاح { فَأَتِمُّواْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ } أي أدوه إليهم كاملاً { إلى مُدَّتِهِمْ } ولا تفاجئوهم بالقتال عند مضيِّ الأجل المضروبِ للناكثين ولا تعاملوهم معاملتهم . قال ابن عباس رضي الله عنهما : بقي لِحيَ من بني كنانةَ من عهدهم تسعةُ أشهر فأتم إليهم عهدَهم { إِنَّ الله يُحِبُّ المتقين } تعليلٌ لوجوب الامتثال وتنبيهٌ على أن مراعاةَ حقوقِ العهدِ من باب التقوى وأن التسويةَ بين الوفيِّ والغادر منافيةٌ لذلك وإن كان المعاهَدُ مشركاً .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.