تأويلات أهل السنة للماتريدي - الماتريدي  
{إِلَّا ٱلَّذِينَ عَٰهَدتُّم مِّنَ ٱلۡمُشۡرِكِينَ ثُمَّ لَمۡ يَنقُصُوكُمۡ شَيۡـٔٗا وَلَمۡ يُظَٰهِرُواْ عَلَيۡكُمۡ أَحَدٗا فَأَتِمُّوٓاْ إِلَيۡهِمۡ عَهۡدَهُمۡ إِلَىٰ مُدَّتِهِمۡۚ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلۡمُتَّقِينَ} (4)

وقوله تعالى : ( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُوا عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوا إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَى مُدَّتِهِمْ ) أمر بإتمام العهد للذين لم ينقضوا المسلمين ، ولا ظاهروا عليهم أحد . وأما الذين كانت عادتهم نقض العهد ونكته فإنه لا يتم لهم ، ولكن ينقض . وكذلك تأولوا قوله : ( براءة من الله ورسوله إلى الذين عهدتم من المشركين ) النقض .

ويحتمل أن يكون صلة قوله : ( وبشر الذين كفروا بعذاب أليم )[ التوبة : 3 ] ويكون العذاب الأليم ، هو القتل والأسر ؛ كأنه يقول ( وبشر الذين كفروا ) بالقتل والأسر ( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ ) النقض .

ويحتمل أن يكون صلة قوله : ( وبشر الذين كفروا بعذاب أليم )[ التوبة : 3 ] ويكون العذاب الأليم ، هو القتل والأسر ؛ كأنه يقول : ( وبشر الذين كفروا ) بالقتل والأسر ( إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم شيئا ولم يظاهروا عليكم أحدا ) .

ثم يحتمل قوله : ( لم ينقصوكم شيئا ) أي لم يخونوكم شيئا ما داموا في العهد ( ولم يظاهروا عليكم أحدا ) أي لم يعاونوا ، ولا أطلعوا أحدا من المشركين عليكم ( فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ) كقوله : ( وإما تخافن من قوم خيانة فانبذ إليهم على سواء )[ الأنفال : 58 ] أمر بالنبذ إليهم عند خوف الخيانة ، وأمر بالإتمام إذا لم يخونوا ولم يظاهروا عليهم أحدا .

ودل قوله : ( وبشر الذين كفروا بعذاب أليم ) ( إلا الذين عاهدتم من المشركين ) على أن قوله ( فاعلموا أنكم غير معجزي الله ) أي غير معجزي أولياء الله في عذاب الدنيا لأنهم جميعا سواء في عذاب الآخرة مشتركين فيه .

وقوله تعالى : ( إلى مدتهم ) قال بعضهم : مدة القوم أربعة أشهر بعد يوم النحر لعشر مضين من ربيع الآخر لمن كان له عهد ، ومن لا عهد له إلى انسلاخ المحرم خمسون ليلة . د

وقال بعضهم : ( إِلاَّ الَّذِينَ عَاهَدتُّمْ مِنْ الْمُشْرِكِينَ( بالحديبية فلم يبرإ الله ورسوله في الأشهر الأربع ( ولم يظاهروا عليكم أحدا ) أي لم يعينوا على قتالكم أحدا من المشركين ، أي لم يفعلوا ذلك ( فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم ) وهو أربعة الأشهر ( إن الله يحب المتقين ) الذين اتقوا المعاصي والشرك .