معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

قوله تعالى : { خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم } ، جدل بالباطل ، { مبين } . نزلت في أبي بن خلف الجمحي ، وكان ينكر البعث جاء بعظم رميم فقال : أتقول إن الله تعالى يحيي هذا بعد ما قد رم ؟ كما قال جل ذكره { وضرب لنا مثلا ونسي خلقه } [ يس-77 ] ، نزلت فيه أيضاً . والصحيح أن الآية عامة ، وفيها بيان القدرة وكشف قبيح ما فعلوه ، من جحد نعم الله مع ظهورها عليهم .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

وبدأ بأشرف ذلك وهو الإنسان فقال : { خَلَقَ الْإِنْسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ } لم يزل يدبرها ويرقيها وينميها حتى صارت بشرا تاما كامل الأعضاء الظاهرة والباطنة ، قد غمره بنعمه الغزيرة ، حتى إذا استتم فخر بنفسه وأعجب بها { فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ } يحتمل أن المراد : فإذا هو خصيم لربه ، يكفر به ، ويجادل رسله ، ويكذب بآياته . ونسي خلقه الأول وما أنعم الله عليه به ، من النعم فاستعان بها على معاصيه ، ويحتمل أن المعنى : أن الله أنشأ الآدمي من نطفة ، ثم لم يزل ينقله من طور ، إلى طور حتى صار عاقلا متكلما ، ذا ذهن ورأي : يخاصم ويجادل ، فليشكر العبد ربه الذي أوصله إلى هذه الحال التي ليس في إمكانه القدرة على شيء منها .

 
تفسير القرآن العظيم لابن كثير - ابن كثير [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

ثم نبه على خلق جنس الإنسان { مِنْ نُطْفَةٍ } أي : ضعيفة مهينة ، فلما استقل ودَرَج إذا هو يخاصم ربه تعالى ويكذبه ، ويحارب رسله ، وهو إنما خلق ليكون عبدًا لا ضدًا ، كما قال تعالى : { وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ مِنَ الْمَاءِ بَشَرًا فَجَعَلَهُ نَسَبًا وَصِهْرًا وَكَانَ رَبُّكَ قَدِيرًا وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُهُمْ وَلا يَضُرُّهُمْ وَكَانَ الْكَافِرُ عَلَى رَبِّهِ ظَهِيرًا } [ الفرقان : 54 ، 55 ] ، وقال : { أَوَلَمْ يَرَ الإنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ } [ يس : 77 ، 79 ] .

وفي الحديث الذي رواه الإمام أحمد وابن ماجه عن بُسْر بن جَحَّاش قال : بصق رسول الله في كفه ، ثم قال : " يقول الله : ابن آدم ، أنَّى تُعجِزني وقد خلقتك من مثل هذه ، حتى إذا سويتك فعدلتك مشيت بين برديك وللأرض منك وئيد ، فجمعت ومنعت ، حتى إذا بلغت الحلقوم قلت : أتصدقُ . وأنى أوان الصدقة ؟ " {[16319]} .


[16319]:المسند (4/210) وسنن ابن ماجه برقم (2707) وقال البوصيري في الزوائد (2/365): "إسناد صحيح رجاله ثقات، ورواه أحمد في مسنده من حديث بسر، وأصله في الصحيحين وغيرهما من حديث أبي هريرة".
 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

{ خلق الإنسان من نطفة } جماد لا حس بها ولا حراك سيالة لا تحفظ الوضع والشكل . { فإذا هو خصيم } منطيق مجادل . { مبين } للحجة أو خصيم مكافح لخالقه قائل : { من يحي العظام وهي رميم } . روي أن أُبيّ بن خلف أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعظم رميم وقال : يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمّ فنزلت .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

وقوله { خلق الإنسان من نطفة } يريد ب { الإنسان } الجنس ، وأخذ له الغايتين ليظهر له البعد بينهما بقدرة الله ، ويروى أن الآية نزلت لقول أبي بن خلف من يحيي العظام وهي رميم ؟{[7245]} وقوله { خصيم } يحتمل أن يريد به الكفرة الذين يختصمون في الله ويجادلون في توحيده وشرعه ، ذكره ابن سلام عن الحسن البصري ، ويحتمل أن يريد أعم من هذا على أن الآية تعديد نعمة الذهن والبيان على البشر ، ويظهر أنها إذ تقدر في خصام الكافرين ينضاف إلى العبرة وعيد ما .


[7245]:ورد ذلك في قوله تعالى في الآية (78) من سورة (يس): {وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم}.