تفسير القرآن الكريم لعبد الله شحاته - شحاته  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

3

المفردات :

من نطفة : أصل النطفة : الماء القليل ، والمراد بها هنا : مادة التلقيح ، أي : ماء الرجل عند اختلاطه بماء المرأة .

خصيم : أي : مخاصم مجادل ، قال الطبري : { خصيم مبين } : يبين عن خصومته بمنطقه ، ويجادل بلسانه ، وعنى بالإنسان هنا : جميع الناس .

ومنافع : مركب ولبن لحم ، والحرث بها ، وحملها الماء ، ونحو ذلك .

{ خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين } .

خلق الإنسان من نطفة ، أي : من ماء مهين ، خلقا عجبا في أطوار مختلفة ، ثم أخرجه إلى ضياء الدنيا ، وجعل له السمع والبصر والقوة والإدراك والعقل ، وتدرج من الضعف إلى الشباب والقوة ، ومن القوة إلى الضعف والشيخوخة ؛ حتى يتأمل في خلقه ، ويستدل بذلك على قدرة الخالق المبدع ، القادر على إعادته عند البعث للحساب والجزاء .

بيد أن الإنسان المخلوق يكابر ويجادل ، ويقول : { من يحي العظام وهي رميم }( يس : 78 ) .

{ فإذا هو خصيم مبين } .

إذا به مخاصم عنيف ينكر وجود خالقه ، ويكذب رسله ، ويعمل على صدّ الناس عن إتباعهم ، وروح الآية تشير إلى موقف كفار مكة ، وإنكارهم للبعث ، وترشدهم إلى أن الإيمان بالله هو الذي ينقّي أرواحهم ، ويرشدها إلى حكمة الحكيم ، وإلى قدرة الخالق العظيم ، سبحانه وتعالى .