التفسير الشامل لأمير عبد العزيز - أمير عبد العزيز  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

قوله : { خلق الإنسان من نطفة فإذا هو خصيم مبين } نزلت هذه الآية في أبي بن خلف الجمحي حين جاء بعظم رميم إلى رسول الله ( ص ) فقال : يا محمد أترى الله يحيي هذا بعد ما قد رمَّ{[2493]} . النطفة في اللغة بمعنى الماء الصافي قل أو كثر . وبمعنى القطرة . والمني وهو ماء الرجل ، والجمع أنطاف{[2494]} والخصيم ، شديد الخصومة والمجادلة .

والمعنى المراد : أن الله يمتن على الإنسان أن خلقه من نطفة قذرة من الماء المستقذر المهين ليمر في مراحل وأطوار مقدورة شتى ، ما بين نطفة وعلقة ومضغة في داخل الرحم حتى إذا اندلق إلى الدنيا طفلا رضيعا تقلب في مراحل نشوئه من طور إلى طور ، ما بين الرضاعة وطفولة وفتوة وشباب واكتهال وكبر ثم ارتداد إلى أرذل العمر . وما ينهض الإنسان قويا مكتملا في قدراته واستعدادته وتطوره حتى ينقلب إلى مخاصم لله في قدرته وعظمته . فيجترئ على ربه بالخصومة الشديدة في توقح ظاهر وكفران شديد مستبين بعد أن خلقه من ماء مستقذر بالغ المهانة{[2495]} .


[2493]:- أسباب النزول للنيسابوري ص 188.
[2494]:- القاموس المحيط جـ 19 ص 231 وفتح القدير جـ3 ص 147 وتفسير النسفي جـ2 ص 280.
[2495]:- تفسير الرازي جـ19 ص 231 وفتح القدير جـ 3 ص 147 وتفسير النسفي جـ2 ص 280.