فتح القدير الجامع بين فني الرواية والدراية من علم التفسير للشوكاني - الشوكاني  
{خَلَقَ ٱلۡإِنسَٰنَ مِن نُّطۡفَةٖ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٞ مُّبِينٞ} (4)

ثم لما كان نوع الإنسان أشرف أنواع المخلوقات السفلية ، قدّمه وخصه بالذكر ، فقال : { خَلَقَ الإنسان } وهو اسم لجنس هذا النوع { مِن نُطْفَةٍ } من جماد يخرج من حيوان ، وهو المنيّ فنقله أطواراً إلى أن كملت صورته ، ونفخ فيه الروح ، وأخرجه من بطن أمه إلى هذه الدار فعاش فيها { فَإِذَا هُوَ } بعد خلقه على هذه الصفة { خَصِيمٌ } أي : كثير الخصومة والمجادلة ، والمعنى : أنه كالمخاصم لله سبحانه في قدرته ، ومعنى { مُّبِينٌ } ظاهر الخصومة واضحها ، وقيل : يبين عن نفسه ما يخاصم به من الباطل ، والمبين هو المفصح عما في ضميره بمنطقه ومثله قوله تعالى : { أَوَلَمْ يَرَ الإنسان أَنَّا خلقناه مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مٌّبِينٌ } [ يس : 77 ] .

/خ9