معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{وَٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدٗا} (27)

قوله عز وجل : { واتل } أي : واقرأ يا محمد { ما أوحي إليك من كتاب ربك } يعني القرآن ، واتبع ما فيه ، { لا مبدل لكلماته } ، قال الكلبي : لا مغير للقرآن . وقيل : لا مغير لما أوعد بكلماته أهل معاصيه ، { ولن تجد } أنت { من دونه } ، إن لم تتبع القرآن ، { ملتحداً } ، قال ابن عباس رضي الله عنهما : حرزاً . وقال الحسن : مدخلاً . وقال مجاهد : ملجأ . وقيل : معدلاً . وقيل : مهرباً . وأصله من الميل .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{وَٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدٗا} (27)

ولما أخبر أنه تعالى ، له غيب السماوات والأرض ، فليس لمخلوق إليها طريق ، إلا عن الطريق التي يخبر بها عباده ، وكان هذا القرآن ، قد اشتمل على كثير من الغيوب ، أمر تعالى بالإقبال عليه فقال :

{ 27 } { وَاتْلُ مَا أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنْ كِتَابِ رَبِّكَ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَاتِهِ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا }

التلاوة : هي الاتباع ، أي : اتبع ما أوحى الله إليك بمعرفة معانيه وفهمها ، وتصديق أخباره ، وامتثال أوامره ونواهيه ، فإنه الكتاب الجليل ، الذي لا مبدل لكلماته ، أي : لا تغير ولا تبدل لصدقها وعدلها ، وبلوغها من الحسن فوق كل غاية { وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا } فلتمامها ، استحال عليها التغيير والتبديل ، فلو كانت ناقصة ، لعرض لها ذلك أو شيء منه ، وفي هذا تعظيم للقرآن ، في ضمنه الترغيب على الإقبال عليه .

{ وَلَنْ تَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا } أي : لن تجد من دون ربك ، ملجأ تلجأ إليه ، ولا معاذا تعوذ به ، فإذا تعين أنه وحده الملجأ في كل الأمور ، تعين أن يكون هو المألوه المرغوب إليه ، في السراء والضراء ، المفتقر إليه في جميع الأحوال ، المسئول في جميع المطالب .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{وَٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدٗا} (27)

وبتوجيه الرسول [ ص ] إلى تلاوة ما أوحاه ربه إليه ، وفيه فصل الخطاب - وهو الحق الذي لا يأتيه الباطل - والاتجاه إلى الله وحده ، فليس من حمى إلا حماه . وقد فر إليه أصحاب الكهف فشملهم برحمته وهداه :

( واتل ما أوحى إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ، ولن تجد من دونه ملتحدا ) . .

وهكذا تنتهي القصة ، تسبقها وتتخللها وتعقبها تلك التوجيهات التي من أجلها يساق القصص في القرآن . مع التناسق المطلق بين التوجيه الديني والعرض الفني في السياق .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{وَٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدٗا} (27)

وقوله { واتل ما أوحي إليك } الآية ، من قرأ «ولا تشرك » بالنهي ، عطف قوله { واتلُ } عليه ، ومن قرأ «ولا يشرك » ، جعل هذا أمراً بدىء به كلام آخر ليس من الأول ، وكأن هذه الآية ، في معنى الإعتاب للنبي عليه السلام ، عقب العتاب الذي كان تركه الاستثناء ، كأنه يقول هذه أجوبة الأسئلة فاتل وحي الله إليك ، أي اتبع في أعمالك ، وقيل اسرد بتلاوتك ما أوحي إليك من كتاب ربك ، لا نقض في قوله ، { ولا مبدل لكلماته } ، وليس لك سواه جانب تميل إليه ، وتستند ، و «الملتحد » : الجانب الذي يمال إليه ، ومعنى اللحد كأنه الميل في أحد شقي القبر ، ومنه الإلحاد في الحق ، وهو الميل عن الحق ، ولا يفسر قوله { لا مبدل لكلماته } أمر النسخ لأن المعنى : إما أن يكون لا مبدل سواه فتبقى الكلمات على الإطلاق ، وإما أن يكون أراد من «الكلمات » الخبر ونحوه ، مما لا يدخله نسخ ، والإجماع أن الذي لا يتبدل هو الكلام القائم بالذات الذي بحسبه يجري القدر . فأما الكتب المنزلة فمذهب ابن عباس أنها لا تبدل إلا بالتأويل .