الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{وَٱتۡلُ مَآ أُوحِيَ إِلَيۡكَ مِن كِتَابِ رَبِّكَۖ لَا مُبَدِّلَ لِكَلِمَٰتِهِۦ وَلَن تَجِدَ مِن دُونِهِۦ مُلۡتَحَدٗا} (27)

أخرج ابن أبي شيبة وابن المنذر وابن أبي حاتم ، عن مجاهد في قوله : { ملتحداً } قال : ملجأ .

وأخرج ابن الأنباري في الوقف ، عن ابن عباس أن نافع بن الأزرق قال له : أخبرني عن قوله : { ولن تجد من دونه ملتحداً } ما الملتحد ؟ قال : المدخل في الأرض ، قال فيه خصيب الضمري :

يا لهف نفسي ولهف غير محدثه *** عليّ وما عن قضاء الله ملتحد

وأخرج ابن مردويه وأبو نعيم في الحلية والبيهقي في شعب الإيمان ، عن سلمان قال : جاءت المؤلفة قلوبهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم : عيينة بن بدر ، والأقرع بن حابس ، فقالوا : يا رسول الله ، لو جلست في صدر المجلس وتغيبت عن هؤلاء وأرواح جبابهم - يعنون سلمان ، وأبا ذر وفقراء المسلمين ، وكانت عليهم جباب الصفوف - جالسناك أو حادثناك وأخذنا عنك ، فأنزل الله { واتل ما أوحي إليك من كتاب رَبك } إلى قوله : { أعتدنا للظالمين ناراً } يهددهم بالنار .

وأخرج أبو الشيخ عن سلمان قال : «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم يلتمسهم حتى أصابهم في مؤخر المسجد يذكرون الله ، فقال : «الحمد لله الذي لم يمتني حتى أمرني أن أصبر نفسي مع رجال من أمتي ، معكم المحيا والممات » .

وأخرج عبد بن حميد عن سلمان قال : نزلت هذه الآية فيّ وفي رجل دخل على النبي صلى الله عليه وسلم - ومعي شن خوص - فوضع مرفقه في صدري فقال : تَنَحَّ . حتى ألقاني على البساط ، ثم قال : يا محمد ، إنا ليمنعنا كثيراً من أمرك هذا وضرباؤه ، أن ترى لي قدماً وسواداً ، فلو نَحّيْتَهُمْ إذا دخلنا عليك ، فإذا خرجنا أذنت لهم إذا شئت . فلما خرج أنزل الله { واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم } إلى قوله : { وكان أمره فرطاً } .