معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

{ فألهمها فجورها وتقواها } قال ابن عباس في رواية علي بن أبي طلحة : بين لها الخير والشر . وقال في رواية عطية : علمها الطاعة والمعصية ، وروى الكلبي عن أبي صالح عنه : عرفها ما تأتي وما تتقي ، وقال سعيد بن جبير : ألزمها فجورها وتقواها . قال ابن زيد : جعل فيها ذلك ، يعني بتوفيقه إياها للتقوى ، وخذلانه إياها للفجور . واختار الزجاج هذا ، وحمل الإلهام على التوفيق والخذلان ، وهذا يبين أن الله عز وجل خلق في المؤمن التقوى وفي الكافر الفجور . أنبأنا أحمد بن إبراهيم الشريحي ، أنبأنا أحمد بن إبراهيم الثعلبي ، أخبرني الحسين بن محمد بن الحسين ابن عبد الله ، حدثنا موسى بن محمد ، حدثنا علي بن عبد الله ، أنبأنا عبد الله بن محمد بن سفيان ، حدثنا مسلم بن إبراهيم ، أنبأنا عروة بن ثابت الأنصاري ، حدثنا يحيى بن عقيل ، عن يحيى بن يعمر ، عن الأسود الديلي قال : " قال لي عمران بن حصين : أرأيت ما يعمل الناس ويكادحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما آتاهم به نبيهم وأكدت عليهم الحجة ؟ قلت : بل شيء قد قضي عليهم ، قال : فهل يكون ذلك ظلماً ؟ قال : ففزعت منه فزعاً شديداً ، وقلت : إنه ليس شيء إلا وهو خلقه وملك يده لا يسأل عما يفعل وهم يسألون ، فقال لي : سددك الله ، إنما سألتك لأختبر عقلك إن رجلاً من جهينة أو مزينة أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال : يا رسول الله أرأيت ما يعمل الناس ويكادحون فيه أشيء قضي عليهم ومضى فيهم من قدر سبق ؟ أو فيما يستقبلون به مما أتاهم نبيهم وأكدت به عليهم الحجة ؟ فقال : لا بل شيء قد قضي عليهم ومضى فيهم ، قال قلت : ففيم العمل إذاً ؟ قال : من كان الله خلقه لإحدى المنزلتين يهيئه الله لها ، وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل : { ونفس وما سواها * فألهمها فجورها وتقواها } " .

أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي ، أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح ، أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ، حدثنا علي بن الجعد ، حدثنا زهير بن معاوية عن أبي الزبير ، عن جابر قال : " جاء سراقة بن مالك بن جعشم فقال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأنا خلقنا الآن ، أرأيت عمرتنا هذه ألعامنا هذا أم للأبد ؟ قال : بل للأبد ، قال : يا رسول الله بين لنا ديننا كأننا خلقنا الآن فيم العمل اليوم ، فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ؟ أو فيما نستقبل ؟ قال : لا بل فيما جفت به الأقلام وجرت به المقادير ، قال : ففيم العمل ؟ فقال زهير : فقال كلمة خفيت علي ، فسألت عنها نسي بعد فذكر أنه سمعها ، فقال : اعملوا فإن كلاً ميسر لما خلق له " .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

وعلى كل ، فالنفس آية كبيرة من آياته التي حقيقة بالإقسام بها{[1437]}  فإنها في غاية اللطف والخفة ، سريعة التنقل [ والحركة ] والتغير والتأثر والانفعالات النفسية ، من الهم ، والإرادة ، والقصد ، والحب ، والبغض ، وهي التي لولاها لكان البدن مجرد تمثال لا فائدة فيه ، وتسويتها على هذا الوجه{[1438]}  آية من آيات الله العظيمة .


[1437]:- في ب: يحق الإقسام بها.
[1438]:- في ب: على ما هي عليه.
 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

7

يعبر عنها القرآن بالإلهام تارة : ( ونفس وما سواها ، فألهمها فجورها وتقواها ) . . ويعبر عنها بالهداية تارة : ( وهديناه النجدين ) . . فهي كامنة في صميمه في صورة استعداد . . والرسالات والتوجيهات والعوامل الخارجية إنما توقظ هذه الاستعدادات وتشحذها وتوجهها هنا أو هناك . ولكنها لا تخلقها خلقا . لأنها مخلوقة فطرة ، وكائنة طبعا ، وكامنة إلهاما .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{فَأَلۡهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقۡوَىٰهَا} (8)

والنفس التي أقسم بها ، اسم الجنس ، وتسويتها إكمال عقلها ونظرها ، ولذلك ربط الكلام بقوله تعالى : { فألهمها } الآية فالفاء تعطي أن التسوية هي هذا الإلهام .

ومعنى قوله تعالى : { فجورها وتقواها } أي عرفها طرق ذلك وجعل لها قوة يصح معها اكتساب الفجور أو اكتساب التقوى