معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

قوله تعالى : { سلام عليكم } ، أي : يقولون سلام عليكم . قال مقاتل : سلمكم الله من الآفات التي كنتم تخافون منها . قال مقاتل : يدخلون علهم في مقدار يوم وليلة من أيام الدنيا الثلاث كرات معهم الهدايا والتحف من الله عز وجلن يقولون سلام عليكم ، { بما صبرتم فنعم عقبى الدار } .

أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن أبي توبة ، أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن الحارث ، أنبأنا أبو الحسن محمد بن يعقوب الكسائي ، أخبرنا عبد الله بن محمود ، أخبرنا إبراهيم بن عبد الله الخلال ، حدثنا عبد الله بن المبارك ، عن بقية بن الوليد ، حدثني أرطاة بن المنذر قال : سمعت رجلا من مشيخة الجند يقال له أبو الحجاج يقول : جلست إلى أبي أمامة فقال : إن المؤمن ليكون متكئا على أريكته إذا دخل الجنة ، وعنده سماطان من خدم ، وعند طرف السماطين باب مبوب . فيقبل ملك من ملائكة الله يستأذن ، فيقوم أقصى الخدم إلى الباب ، فإذا هو بالملك يستأذن ، فيقول للذي يليه : ملك يستأذن ويقول الذي يليه للذي يليه ملك يستأذن كذلك حتى يبلغ المؤمن ، فيقول : ائذنوا له ، فيقول أقربهم إلى المؤمن : ائذنوا له ، ويقول الذي يليه للذي يليه : ائذنوا له كذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب ، فيفتح له فيدخل ، فيسلم ثم ينصرف .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

ويقولون : { سَلَامٌ عَلَيْكُمْ } أي : حلت عليكم السلامة والتحية من الله وحصلت لكم ، وذلك متضمن لزوال كل مكروه ، ومستلزم لحصول كل محبوب .

{ بِمَا صَبَرْتُمْ } أي : صبركم هو الذي أوصلكم إلى هذه المنازل العالية ، والجنان الغالية ، { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ }

فحقيق بمن نصح نفسه وكان لها عنده قيمة ، أن يجاهدها ، لعلها تأخذ من أوصاف أولي الألباب بنصيب ، لعلها تحظى بهذه الدار ، التي هي منية النفوس ، وسرور الأرواح الجامعة لجميع اللذات والأفراح ، فلمثلها فليعمل العاملون وفيها فليتنافس المتنافسون .

 
في ظلال القرآن لسيد قطب - سيد قطب [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

19

( سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) . .

فهو مهرجان حافل باللقاء والسلام والحركة الدائبة والإكرام .

 
أنوار التنزيل وأسرار التأويل للبيضاوي - البيضاوي [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

{ سلام عليكم } بشارة بدوام السلامة . { بما صبرتم } متعلق ب { عليكم } أو بمحذوف أي هذا بما صبرتم لا ب { سلام } ، فإن الخبر فاصل والباء للسببية أو للبدلية . { فنعم عقبى الدار } وقرئ { فنعم } بفتح النون والأصل نعم فسكن العين بنقل كسرتها إلى الفاء وبغيره .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

وقوله : { ومن صلح } أي من عمل صالحاً وآمن - قاله مجاهد وغيره - ويحتمل : أي من صلح لذلك بقدر الله تعالى وسابق علمه .

وحكى الطبري في صفة دخول الملائكة أحاديث لم نطول بها لضعف أسانيدها . والمعنى : يقولون : سلام عليكم ، فحذف - يقولون - تخفيفاً وإيجازاً ، لدلالة ظاهر الكلام عليه ، والمعنى : هذا بما صبرتم{[3]} ، والقول في { عقبى الدار } على ما تقدم من المعنيين .

وقرأ الجمهور «فنِعْم » بكسر النون وسكون العين ، وقرأ يحيى بن وثاب «فنَعِم » بفتح النون وكسر العين .

وقالت فرقة : معنى { عقبى الدار } أي أن أعقبوا الجنة من جهنم .

قال القاضي أبو محمد : وهذا التأويل مبني على حديث ورد ، وهو : أن كل رجل في الجنة فقد كان له مقعد معروف في النار ، فصرفه الله عنه إلى النعيم ، فيعرض عليه ويقال له : هذا كان مقعدك فبدلك الله منه الجنة بإيمانك وطاعتك وصبرك{[4]} .


[3]:- أخرجه الإمام مالك في الموطأ المشهور بلفظ: (السبع المثاني القرآن العظيم الذي أعطيته) والترمذي وغيرهما، وخرج ذلك أيضا الإمام البخاري وغيره، عن أبي سعيد ابن المعلى في أول كتاب التفسير، وفي أول كتاب الفضائل بلفظ: (السبع المثاني والقرآن العظيم الذي أوتيته). والسبع الطوال هي: البقرة، وآل عمران، والنساء، والمائدة، والأنعام، والأعراف، والأنفال، فقوله: والسبع الطوال إلخ. رد على من يقول: إنما السبع المثاني.
[4]:- هو أبو هاشم المكي الليثي، وردت الرواية عنه في حروف القرآن، يروي عن أبيه ابن عمر.
 
التحرير والتنوير لابن عاشور - ابن عاشور [إخفاء]  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

جملة { سلام عليكم } مقول قول محذوف لأن هذا لا يكون إلا كلاماً من الداخلين . وهذا تحية يقصد منها تأنيس أهل الجنة .

والباء في { بما صبرتم } للسببية ، وهي متعلقة بالكون المستفاد من المجرور وهو { عليكم } . والتقدير : نالكم هذا التكريم بالسلام بسبب صبركم . ويجوز أن يكون متعلقاً بمحذوف مستفادٍ من المقام ، أي هذا النعيم المشاهد بما صبرتم .

والمراد : الصبر على مشاق التكاليف وعلى ما جاهدوا بأموالهم وأنفسهم .

وفرع على ذلك { فنعم عقبى الدار } تفريع ثناء على حسن عاقبتهم . والمخصوص بالمدح محذوف لدلالة مقام الخطاب عليه . والتقدير : فنعم عقبى الدار دارُ عُقْباكم . وتقدم معنى { عقبى الدار } آنفاً .