الدر المنثور في التفسير بالمأثور للسيوطي - السيوطي  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

وأخرج عبد الرزاق وابن جرير وابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن أبي عمران الجوني - رضي الله عنه - في قوله { سلام عليكم بما صبرتم } قال : على دينكم { فنعم عقبى الدار } قال : فنعم ما أعقبكم الله تعالى من الدنيا الجنة .

وأخرج ابن أبي حاتم وأبو الشيخ ، عن الحسن - رضي الله عنه - في قوله { سلام عليكم بما صبرتم } قال : صبروا على فضول الدنيا .

وأخرج أبو الشيخ ، عن محمد بن نصر الحارثي - رضي الله عنه - { سلام عليكم بما صبرتم } قال : على الفقر في الدنيا .

وأخرج أحمد والبزار وابن جرير وابن أبي حاتم وابن حبان وأبو الشيخ والحاكم وصححه ، وابن مردويه وأبو نعيم في الحلية ، والبيهقي في شعب الإيمان ، عن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " أول من يدخل الجنة من خلق الله تعالى ، فقراء المهاجرين الذين تسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره ، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء ، فيقول الله تعالى لمن يشاء من الملائكة : ائتوهم فحيوهم . فتقول الملائكة : ربنا نحن سكان سمائك وخيرتك من خلقك ، أفتأمرنا أن نأتي هؤلاء فنسلم عليهم ؟ ! . . . قال الله تعالى : إن هؤلاء عبادي كانوا يعبدونني في الدنيا ولا يشركون بي شيئا ، وتسد بهم الثغور وتتقى بهم المكاره ، ويموت أحدهم وحاجته في صدره لا يستطيع لها قضاء ، فتأتيهم الملائكة عند ذلك فيدخلون عليهم من كل باب { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } " .

وأخرج ابن جرير وابن أبي حاتم ، عن أبي أمامة - رضي الله عنه - قال : إن المؤمن ليكون متكئا على أريكته إذا دخل الجنة ، وعنده سماطان من خدم ، وعند طرف السماطين باب مبوب ، فيقبل الملك فيستأذن ، فيقول أقصى الخدم للذي يليه : ملك يستأذن ، ويقول الذي يليه للذي يليه : ملك يستأذن ، حتى يبلغ المؤمن فيقول : ائذنوا له . فيقول أقربهم إلى المؤمن : ائذنوا . ويقول الذي يليه للذي يليه : ائذنوا ، حتى تبلغ أقصاهم الذي عند الباب فيفتح له ، فيدخل فيسلم عليه ثم ينصرف .

وأخرج ابن المنذر وابن مردويه ، عن أنس - رضي الله عنه - : " أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يأتي أحدا كل عام ، فإذا تفوه الشعب ، سلم على قبور الشهداء ، فقال { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } " .

وأخرج ابن جرير عن محمد بن إبراهيم - رضي الله عنه - قال : " كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول { سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار } وأبو بكر وعمر وعثمان " .