الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

{ سَلاَمٌ عَلَيْكُم } فيه آمناً تقديره ويقولون سلام عليكم { بِمَا صَبَرْتُمْ فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } .

قال مقاتل : يدخلون في مقدار يوم وليلة من أيام الدنيا ثلاث كرات معهم الهدايا والتحف يقولون : { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } .

صالح عن يزيد عن أنس بن مالك : أنّه تلا هذه الآية جنات عدن إلى قوله : { فَنِعْمَ عُقْبَى الدَّارِ } . ثم قال : إنه جنة من در وفضة طولها في الهواء ستون ميلا ليس فيها صدع ولا وصل منه كل زاوية منها أهل فقال : لها أربعة آلاف مصراع من ذهب يقوم على كل باب سبعون ألف من الملائكة مع كل ملك منهم هدية من الرحمن ليس في مثلها ، لا يَعْلُونَ [ . . . . ] ليس بينهم وبينه حجاب .

وروى ابن المبارك عن عقبة بن الوليد قال : حدثنا أرطأة بن المنذر قال : سمعت رجلا من ملجف بالجند يقال له أبو الحجاج يقول : حدثني خالي أبي أُمامة فقال : إنّ المؤمن ليكون متكئاً على أريكته إذا دخل الجنة وعنده سماطان من خدم وعند طرف السماطين سور فيقبل الملك ، يستأذن فيقول الذي يليه : ملك يستأذن ، ويقول الذي يليه : ملك يستأذن كذلك حتى يبلغ المؤمن فيقول : ائذنوا فيقول أقربهم إلى المؤمن : ائذنوا فيقول الذي يليه للذي يليه كذلك حتى يبلغ أقصاهم الذي عند الباب فيفتح له فيدخل فيسلم ثم ينصرف .

وعن عبد الله بن عمرو قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " " هل تدرون أول من يدخل الجنة من خلق الله " قالوا : الله ورسوله أعلم . قال : " الفقراء والمهاجرون الذين تسدّ بهم الثغور ويتقى بهم المكاره ويموت أحدهم وحاجته في نفسه لا يستطيع لها قضاء " " .

قال : فيأتيهم الملائكة فيدخلون عليهم من كل باب { سَلاَمٌ عَلَيْكُم بِمَا صَبَرْتُمْ } .

وروى سهيل بن أبي صالح عن محمد بن إبراهيم قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول : السلام عليكم بما صبرتم فنعمى عقبى الدار .

أبو بكر وعمر وعثمان عليهم السلام كانوا يفعلون كذلك .