" سلام عليكم " أي يقولون : سلام عليكم ، فأضمر القول ، أي قد سلمتم من الآفات والمحن . وقيل : هو دعاء لهم بدوام السلامة ، وإن كانوا سالمين ، أي سلمكم الله ، فهو خبر معناه الدعاء ، ويتضمن الاعتراف بالعبودية . " بما صبرتم " أي بصبركم ، ف " ما " مع الفعل بمعنى المصدر ، والباء في " بما " متعلقة بمعنى . " سلام عليكم " ويجوز أن تتعلق بمحذوف ، أي هذه الكرامة بصبركم ، أي على أمر الله تعالى ونهيه ، قاله سعيد بن جبير . وقيل : على الفقر في الدنيا ، قاله أبو عمران الجوني . وقيل : على الجهاد في سبيل الله ، كما روي عن عبد الله بن عمر قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : ( هل تدرون من يدخل الجنة من خلق الله ) ؟ قالوا : الله ورسوله أعلم ، قال : ( المجاهدون الذين تسد بهم الثغور وتتقي بهم المكاره فيموت أحدهم وحاجته في نفسه لا يستطيع لها قضاء فتأتيهم الملائكة فيدخلون عليهم من كل باب سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) . وقال محمد بن إبراهيم :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي قبور الشهداء على رأس كل حول فيقول : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) وكذلك أبو بكر وعمر وعثمان ، وذكره البيهقي عن أبي هريرة قال :( كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي الشهداء ، فإذا أتى فُرْضَةَ الشِّعْب{[9391]} يقول : السلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار ) . ثم كان أبو بكر بعد النبي صلى الله عليه وسلم يفعله ، وكان عمر بعد أبي بكر يفعله ، وكان عثمان بعد عمر يفعله . وقال الحسن البصري رحمه الله : " بما صبرتم " عن فضول الدنيا . وقيل : " بما صبرتم " على ملازمة الطاعة ، ومفارقة المعصية ، قال معناه الفضيل بن عياض . ابن زيد : " بما صبرتم " عما تحبونه إذا فقدتموه . ويحتمل سابعا - " بما صبرتم " عن اتباع الشهوات . وعن عبد الله بن سلام وعلي بن الحسين رضي الله عنهم أنهما قالا{[9392]} : إذا كان يوم القيامة ينادي مناد ليقم أهل الصبر ، فيقوم ناس من الناس فيقال لهم : انطلقوا إلى الجنة فتتلقاهم الملائكة فيقولون : إلى أين ؟ فيقولون : إلى الجنة ، قالوا : قبل الحساب ؟ قالوا نعم ! فيقولون : من أنتم ؟ فيقولون : نحن أهل الصبر ، قالوا : وما كان صبركم ؟ قالوا : صبرنا أنفسنا على طاعة الله ، وصبرناها عن معاصي الله وصبرناها على البلاء والمحن في الدنيا . قال علي بن الحسين : فتقول لهم الملائكة : ادخلوا الجنة فنعم أجر العاملين . وقال ابن سلام : فتقول لهم الملائكة : " سلام عليكم بما صبرتم " . " فنعم عقبى الدار " أي نعم عاقبة الدار التي كنتم فيها ، عملتم فيها ما أعقبكم هذا الذي أنتم فيه ، فالعقبى على هذا اسم ، و " الدار " هي الدنيا . وقال أبو عمران الجوني : " فنعم عقبى الدار " الجنة عن النار . وعنه : " فنعم عقبى الدار " الجنة عن الدنيا .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.