إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{سَلَٰمٌ عَلَيۡكُم بِمَا صَبَرۡتُمۡۚ فَنِعۡمَ عُقۡبَى ٱلدَّارِ} (24)

{ سلام عَلَيْكُم } بشارةٌ لهم بدوام السلامة { بِمَا صَبَرْتُمْ } متعلق بعليكم أو بمحذوف أي هذه الكرامةُ العظمى بما صبرتم أي بسبب صبركم أو بدلُ ما احتملتم من مشاقّ الصبرِ ومتاعبِه ، والمعنى لئن تعِبتم في الدنيا لقد استرحتم الساعةَ ، وتخصيصُ الصبر بما ذكر من بين الصلاتِ السابقةِ لما قدّمناه من أن له دخلاً في كل منها ومزيةً زائدةً من حيث إنه ملاكُ الأمر في كل منها وأن شيئاً منها لا يعتد به إلا بأن يكون لابتغاء وجهِ الربّ تعالى وتقدس { فَنِعْمَ عقبى الدار } أي فنعم عقبي الدارِ الجنةُ ، وقرئ بفتح النون والأصل نَعَم فسُكّن العين بنقل حركتها إلى النون تارة وبدونه أخرى . وعن النبي عليه السلام أنه كان يأتي قبورَ الشهداء على رأس كلّ حولٍ فيقول : «سلامٌ عليكم بما صبرتُم فنَعِمَ عُقبى الدَّارِ » وكذا عن الخلفاء الأربعةِ رضوانُ الله عليهم أجمعين .