قوله تعالى : { إن في ذلك } فيما ذكرت من العبر وإهلاك القرى ، { لذكرى } تذكرة وعظة ، { لمن كان له قلب } قال ابن عباس : أي عقل . قال الفراء : هذا جائز في العربية ، تقول : مالك قريب ، وما قلبك معك ، أي ما عقلك معك ، وقيل : له قلب حاضر مع الله . { أو ألقى السمع } استمع القرآن ، واستمع ما يقال له ، لا يحدث نفسه بغيره ، تقول العرب : ألق إلي سمعك ، أي استمع ، { وهو شهيد } يعني حاضر القلب ليس بغافل ولا ساه .
{ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي : قلب عظيم حي ، ذكي ، زكي ، فهذا إذا ورد عليه شيء من آيات الله ، تذكر بها ، وانتفع ، فارتفع{[837]} وكذلك من ألقى سمعه إلى آيات الله ، واستمعها ، استماعًا يسترشد به ، وقلبه { شَهِيدٌ } أي : حاضر ، فهذا له أيضا ذكرى وموعظة ، وشفاء وهدى .
وأما المعرض ، الذي لم يلق{[838]} سمعه إلى الآيات ، فهذا لا تفيده شيئًا ، لأنه لا قبول عنده ، ولا تقتضي حكمة الله هداية من هذا وصفه ونعته .
وعقب عليها بما يزيدها جدة وحيوية :
( إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب ، أو ألقى السمع وهو شهيد ) . .
وفي مصارع الغابرين ذكرى . ذكرى لمن كان له قلب . فمن لا تذكره هذه اللمسة فهو الذي مات قلبه أو لم يرزق قلبا على الإطلاق ! لا بل إنه ليكفي للذكرى والاعتبار أن يكون هناك سمع يلقى إلى القصة بإنصات ووعي ، فتفعل القصة فعلها في النفوس . . وإنه للحق . فالنفس البشرية شديدة الحساسية بمصارع الغابرين ، وأقل يقظة فيها وأقل تفتح كافيان لاستجاشة الذكريات والتصورات الموحية في مثل هذه المواقف المؤثرة المثيرة .
وعرض من قبل صفحات من كتاب الكون : ( أفلم ينظروا إلى السماء فوقهم كيف بنيناها وزيناها وما لها من فروج ، والأرض مددناها وألقينا فيها رواسي ، وأنبتنا فيها من كل زوج بهيج ) . .
وقوله : { إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى } أي : لعبرة { لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي : لُبٌّ يَعِي به . وقال مجاهد : عقل { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ } أي : استمع الكلام فوعاه ، وتعقله بقلبه وتفهمه بلبه .
وقال مجاهد : { أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } يعني : لا يحدث نفسه بغيره ، { وَهُوَ شَهِيدٌ } وقال : شاهد بالقلب{[27367]} .
وقال الضحاك : العرب تقول : ألقى فلان سمعه : إذا استمع بأذنيه وهو شاهد يقول غير غائب . وهكذا قال الثوري وغير واحد .
مشروع تقني يهدف لتوفير قالب تقني أنيق وحديث يليق بالمحتوى الثري لمشروع الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم الصادر عن مؤسسة البحوث والدراسات العلمية (مبدع)، وقد تم التركيز على توفير تصفح سلس وسهل للمحتوى ومتوافق تماما مع أجهزة الجوال، كما تم عمل بعض المميزات الفريدة كميزة التلوين التلقائي للنصوص والتي تم بناء خوارزمية برمجية مخصصة لهذا الغرض.
تم الحصول على المحتوى من برنامج الجامع التاريخي لتفسير القرآن الكريم.
المشروع لا يتبع أي جهة رسمية أو غير رسمية، إنما هي جهود فردية ومبادرات شخصية لبعض الخبراء في مجال البرمجيات.
المشروع لازال في بداياته وننوي إن شاء الله العمل على تطويره بشكل مستمر وسنضع خطة تطوير توضح المميزات التي يجري العمل عليها إن شاء الله.
الدعاء للقائمين عليه، نشر الموقع والتعريف به، إرسال الملاحظات والمقترحات.