فتح البيان في مقاصد القرآن للقنوجي - صديق حسن خان  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

{ إن في ذلك لذكرى } أي فيما ذكر من قصتهم في هذه السورة من أولها إلى آخرها تذكرة وموعظة { لمن كان له قلب } أي عقل ، قال الفراء : وهذا جائز في العربية تقول مالك قلب . وما قلبك معك أي مالك عقل وما عقلك معك ، وقيل : المراد القلب نفسه ، لأنه إذا كان سليما أدرك الحقائق وتفكر كما ينبغي ، وقيل لمن كان له حياة ونفس مميزة فعبر عن ذلك بالقلب ، لأنه وطنها ومعدن حياتها { أو ألقى السمع } أي استمع ما يقال له من الوعظ وغيره يقال : ألق سمعك إلي أي استمع مني ، والمعنى : أنه ألقى السمع إلي ما يتلى عليه من الوحي الحاكي لما جرى على تلك الأمم .

قرأ الجمهور ألقى مبنيا للفاعل ، وقرئ على البناء للمفعول ورفع السمع وأو مانعة الخلو ، لا مانعة الجمع ، فإن إلقاء السمع لا يجدي بدون سلامة القلب كما يلوح به قوله { وهو شهيد } أي حاضر الفهم أو حاضر القلب لأن من لا يفهم ، في حكم الغائب وإن حضر بجسمه فهو لم يحضر بفهمه ، قال الزجاج : أي وقلبه حاضر فيما يسمع ؛ قال سفيان : أي لا يكون حاضرا وقلبه غائب قال مجاهد وقتادة : هذه الآية في أهل الكتاب ، وكذا قال الحسن ، وقال محمد بن كعب وأبو صالح : إنها في أهل القرآن خاصة .