إرشاد العقل السليم إلى مزايا الكتاب الكريم لأبي السعود - أبو السعود  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } أيْ فيمَا ذكرَ من قصتِهم وقيلَ : فيَما ذكرَ في السورةِ { لذكرى } لتذكرةً وعِظةً { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أيْ قلبٌ سليمٌ يدركُ به كُنْهَ ما يشاهدُه منِ الأمورِ ويتفكرُ فيَها كما ينبغِي فإنَّ مَنْ كانَ له ذلكَ يعلمُ أنَّ مدارَ دمارِهم هُو الكفرُ فيرتدعُ عَنْهُ بمجردِ مشاهدةِ الآثارِ من غيرِ تذكيرٍ { أَوْ أَلْقَى السمع } أيْ إلى مَا يُتلى عليهِ منَ الوَحْي الناطقِ بما جرَى عليهمْ فإنَّ منْ فعلَهُ يقفْ عَلى جليةِ الأمرِ فينزجرَ عَمَّا يؤدَّي إليهِ منَ الكفرِ ، فكلمةُ أَوْ لمنعِ الخلوِّ دونَ الجمعِ فإنَّ إلقاءَ السمعِ لا يُجدِي بدونِ سلامةِ القلبِ كَما يلوحُ بهِ قولُه تعالَى { وَهُوَ شَهِيدٌ } أيْ حاضرٌ بفطنتهِ لأنَّ منْ لاَ يَحْضُرُ ذهنُهُ فكأنَّه غائبٌ ، وتجريدُ القلبِ عما ذكرَ من الصفاتِ للإيذانِ بأنَّ منْ عُرِّيَ قلبُه عَنْهَا كمَنْ لاَ قلبَ لَهُ أصلاً .