الكشف والبيان في تفسير القرآن للثعلبي - الثعلبي  
{إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَذِكۡرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُۥ قَلۡبٌ أَوۡ أَلۡقَى ٱلسَّمۡعَ وَهُوَ شَهِيدٞ} (37)

{ إِنَّ فِي ذَلِكَ } أي في القرى التي أهلكت والعِبر التي ذكرت { لَذِكْرَى } التذكرة { لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ } أي عقل ، فكنّي عن العقل بالقلب لأنّه موضعه ومتبعه . قال قتادة : لمن كان له قلب حيّ ، نظيره

{ لِّيُنذِرَ مَن كَانَ حَيّاً } [ يس : 70 ] ، وقال الشبلي : قلب حاضر مع الله لا يغفل عنه طرفة عين ، وقال يحيى بن معاذ : القلب قلبان : قلب قد احتشى بأشغال الدنيا حتى إذا حضر أمر من أمور الآخرة لم يدر ما يصنع من شغل قلبه بالدنيا . وقلب قد احتشى بأهوال الآخرة ، حتّى إذا حضر أمر من أمور الدنيا لم يدر ما يصنع لذهاب قلبه في الآخرة . وسمعت أبا القاسم الحبيبي يقول : سألت أبا الحسن علي بن عبد الرّحمن العباد عن هذه الآية ، فقال : معناها إنّ في ذلك لذكرى لمن كان له قلب مستقرّ لا يتقلّب عن الله في السراء والضراء .

{ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ } أي استمع القرآن ، يقول العرب : ألقِ إليَّ سمعك أي استمعْ ، وقال الحسين بن الفضل : يعني وجه سامعه وحولها إلى الذكر كما يقال اتبعي إليه .

{ وَهُوَ شَهِيدٌ } أي حاضر القلب ، وقال قتادة : وهو شاهد على ما يقرأ ويسمع في كتاب الله سبحانه من حبّ محمّد صلى الله عليه وسلم وذكره .