معالم التنزيل في تفسير القرآن الكريم للبغوي - البغوي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا} (42)

قوله تعالى : { قل } ، يا محمد لهؤلاء المشركين ، { لو كان معه آلهة كما يقولون } ، قرأ حفص و ابن كثير يقولون بالياء وقرأ الآخرون بالتاء ، { إذاً لابتغوا } ، لطلبوا يعني الآلهة { إلى ذي العرش سبيلاً } ، بالمبالغة والقهر ليزيلوا ملكه ، كفعل ملوك الدنيا بعضهم ببعض . وقيل : معناه لطلبوا إلى ذي العرش سبيلاً بالتقرب إليه . قال قتادة : ليعرفوا الله وفضله وابتغوا ما يقربهم إليه . والأول أصح .

 
تيسير الكريم المنان في تفسير القرآن لابن سعدي - ابن سعدي [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا} (42)

ومن الأدلة على ذلك هذا الدليل العقلي الذي ذكره هنا فقال : { قُلْ } للمشركين الذين يجعلون مع الله إلها آخر : { لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ } أي : على موجب زعمهم وافترائهم { إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا } أي : لاتخذوا سبيلا إلى الله بعبادته والإنابة إليه والتقرب وابتغاء الوسيلة ، فكيف يجعل العبد الفقير الذي يرى شدة افتقاره لعبودية ربه إلها مع الله ؟ ! هل هذا إلا من أظلم الظلم وأسفه السفه ؟ " .

فعلى هذا المعنى تكون هذه الآية كقوله تعالى : { أُولَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ }

وكقوله تعالى : { وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ فَيَقُولُ أَأَنْتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ قَالُوا سُبْحَانَكَ مَا كَانَ يَنْبَغِي لَنَا أَنْ نَتَّخِذَ مِنْ دُونِكَ مِنْ أَوْلِيَاءَ }

ويحتمل أن المعنى في قوله : { قُلْ لَوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذًا لَابْتَغَوْا إِلَى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلًا } أي : لطلبوا السبيل وسعوا في مغالبة الله تعالى ، فإما أن يعلوا عليه فيكون من علا وقهر هو الرب الإله ، فأما وقد علموا أنهم يقرون أن آلهتهم التي يعبدون{[473]} من دون الله مقهورة مغلوبة ليس لها من الأمر شيء فلم اتخذوها وهي بهذه الحال ؟ فيكون هذا كقوله تعالى : { مَا اتَّخَذَ اللَّهُ مِنْ وَلَدٍ وَمَا كَانَ مَعَهُ مِنْ إِلَهٍ إِذًا لَذَهَبَ كُلُّ إِلَهٍ بِمَا خَلَقَ وَلَعَلَا بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ }


[473]:- في ب: يدعون.
 
جامع البيان عن تأويل آي القرآن للطبري - الطبري [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا} (42)

القول في تأويل قوله تعالى : { قُلْ لّوْ كَانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَمَا يَقُولُونَ إِذاً لاّبْتَغَوْاْ إِلَىَ ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً } .

يقول تعالى ذكره لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم : قل يا محمد لهؤلاء المشركين الذين جعلوا مع الله إلها آخر : لو كان الأمر كما تقولون : من أن معه آلهة ، وليس ذلك كما تقولون ، إذن لابتغت تلك الاَلهة القُربة من الله ذي العرش العظيم ، والتمست الزّلْفة إليه ، والمرتبة منه . كما :

حدثنا بشر ، قال : حدثنا يزيد ، قال : حدثنا سعيد ، عن قتادة ، قوله : قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كمَا يَقُولُونَ إذًا لابْتَغَوْا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلاً يقول : لو كان معه آلهة إذن لعرفوا فضله ومرتبته ومنزلته عليهم ، فابتغوا ما يقرّبهم إليه .

حدثنا محمد بن عبد الأعلى ، قال : حدثنا محمد بن ثور ، عن معمر ، عن قتادة إذًا لابْتَغَوْا إلى ذِي العَرْشِ سَبِيلاً قال : لابتغَوا القُرب إليه ، مع أنه ليس كما يقولون .

 
المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز لابن عطية - ابن عطية [إخفاء]  
{قُل لَّوۡ كَانَ مَعَهُۥٓ ءَالِهَةٞ كَمَا يَقُولُونَ إِذٗا لَّٱبۡتَغَوۡاْ إِلَىٰ ذِي ٱلۡعَرۡشِ سَبِيلٗا} (42)

وقوله تعالى : { قل لو كان معه آلهة } الآية إخبار بالحجة ، واختلف الناس في معنى قوله { لا تبتغوا إلى ذي العرش سبيلاً } فحكى الطبري وغيره من المفسرين أن معناه لطلب هؤلاء الآلهة الزلفى إلى ذي العرش والقربة إليه بطاعته ، فيكون السبيل على هذا التأويل بمعناها في قوله { فمن شاء اتخذ إلى ربه سبيلاً }{[7579]} ، وقال سعيد بن جبير وأبو علي الفارسي والنقاش وقاله المتكلمون أبو منصور وغيره ، إن معنى الكلام ، لابتغوا إليه سبيلاً في إفساد ملكه ومضاهاته في قدرته ، وعلى هذا التأويل تكون الآية بياناً للتمانع ، وجارية مع قوله { لو كان فيهما آلهة إلا الله لفسدتا }{[7580]} .

قال القاضي أبو محمد : ونقتضب شيئاً من الدليل على أنه لا يجوز أن يكون مع الله تبارك وتعالى غيره ، وذلك على ما قال أبو المعالي وغيره . إنا لو فرضناه لفرضنا أن يريد أحدهما تسكين{[7581]} جسم والآخر تحريكه ، ومستحيل أن تنفذ الإرادتان ، ومستحيل أن لا تنفذ جميعاً ، فيكون الجسم لا متحركاً ولا ساكناً ، فإن صحت إرادة أحدهما دون الآخر فالذي لم تتم إرادته ليس بإله ، فإن قيل نفرضهما لا يختلفان ، قلنا اختلافهما جائز غير ممتنع عقلاً ، والجائز في حكم الواقع ، ودليل آخر ، إنه لو كان الاثنان لم يمتنع أن يكونوا ثلاثة ، وكذلك إلى ما لا نهاية ، ودليل آخر أن الجزء الذي لا يتجزأ من المخترعات لا تتعلق به إلا قدرة واحدة ، لا يصح فيها اشتراك ، والآخر كذلك دأباً ، فكل جزء إنما يخترعه واحد ، وهذه نبذة شرحها بحسب التقصي يطول ، وقرأ ابن كثير وحفص عن عاصم «كما يقولون » بالياء من تحت ، وقرأ الجمهور «كما تقولون » .


[7579]:تكررت في الآيتين (19) من سورة (المزمل)، و (29) من سورة (الإنسان).
[7580]:من الآية (22) من سورة (الأنبياء).
[7581]:?????